responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شروط النهضة نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 52
نعم إنه لمن الغريب أن يتحول هؤلاء البسطاء، ذوو الحياة الراكدة، عندما مستهم شرارة الروح، إلى دعاة إسلاميين، تتمثل فيهم خلاصة الحضارة الجديدة، وأن يدفعوا بروحها وثبة واحدة، إلى تلك القمة الخلقية الرفيعة، التي انتشرت منها حياة فكرية واسعة متجددة، نقلت من علوم الأولين ما نقلت، وأدخلت علوما جديدة، حتى إذا ما بلغت درجة معينة، انحدرت القيم الفكرية التي أنتجتها دمشق، وبغداد، وقرطبة، وسمرقند.
ومن هنا ندرك سر دعوة القرآن الكريم المؤمنين إلى التأمل فيما مضى من سير الأمم وذلك حتى يدركوا كيف تتركب الكتلة الخصبة من الإنسان والتراب والوقت.
ولا شك في أن المرحلة الأولى من مراحل الحضارة الإسلامية التي ابتدأت من غار حراء إلى صفين- وهي المرحلة الرئيسية التي تركبت فيها عناصرها الجوهرية- إنما كانت دينية بحتة، تسودها الروح.
ففي هذه الحقبة ظلت روح المؤمن هي العامل النفسي الرئيسي، من ليلة حراء إلى أن وصلت إلى القمة الروحية للحضارة الإسلامية، وهو ما يوافق واقعة صفين عام 38 هـ.
ولست أدري لماذا لم يتنبه المؤرخون إلى هذه الواقعة، التي حولت هجرى التاريخ الاسلامي إذ أخرجت الحضارة الإسلامية إلى طور القيصرية الذي يسوده عامل المقل، وتزينه الأبهة والعظمة، في الوقت الذي بدأت تظهر فيه بوادر الفتور الدالة على أفول الروح.
فإن مؤرخينا لم يروا في تلك الكارثة إلا ظاهرة ثانوية، وهي نشوء التشيع في العالم الإسلامي، مع تداولهم لحديث ألمح فيه الرسول إلى تلك الكارثة، وقد ورد فيه ما معناه: أن الخلافة تكون بعده أربعين عاما ثم تكون ملكا عضوضا. ولا شأن لنا هنا بتحقيق مدى صحته من جهة السند أو الرواية. الأمر الذي

نام کتاب : شروط النهضة نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست