responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شروط النهضة نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 50
ومن المعلوم أنه حينما يبتدىء السير إلى الحضارة، لا يكون الزاد بطبيعة الحال من العلماء والعلوم، ولا من الانتاج الصناعي أو الفنون، تلك الأمارات التي تشير إلى درجة ما من الرقي، بل إن الزاد هو "المبدأ" الذي يكون أساسا لهذه المنتجات جميعا.
ففي نقطة انطلاق الحضارة ليس أمامنا سوى العوامل المادية الثلاثة التي ألمحنا إليها فيما سبق من الكلام: الإنسان. التراب. الوقت. وفي هذه العوامل ينحصر رأس مال الأمة الاجتماعي الذي يمدها في خطواتها الأولى في التاريخ. ولقد سبق أن أشرنا من الوجهة النظرية إلى العامل الذي يمزج هذه العناصر الثلاثة، فيكون منها حضارة.
وسنشرع الآن في تحليل دور كامل من أدوار الحضارة، بل دورتين، من الوجهة لتاريخية، حتى نستخرج منه السر الكوني الذي يركب هذه العناصر الثلاثة: الإنسان، والتراب، والوقت، ليبعثها قوة فعالة في التاريخ.
وحسبنا أن ندرس مثلاً الحضارتين الإسلامية والمسيحية في المرحلة الأولى من نشوئهما.
وكما يتضح من الشكل الذي رسمناه في فصل "أثر الدين في دورة الحضارة" لا يختلف تطور الحضارة المسيحية عن تطور الحضارة الإسلامية إذ هما ينطلقان من الفكرة الدينية التي تطبع الفرد بطابعها الخاص، وتوجهه نحو غايات سامية.
فالحضارة لا تنبعث -كما هو ملاحظ- إلا بالعقيدة الدينية [1]، وينبغي أن نبحث في حضارة من الحضارات عن أصلها الديني الذي بعثها، ولعله ليس من الغلو في شيء أن يجد التاريخ في البوذية بذور الحضارة البوذية، وفي البرهمية نواة الحضارة البرهمية.

[1] إننا نأخذ هنا هذه العبارة بمعناما العام، كما يعبر عنها أيضا فالترشوبرت ( Waltar-Schubart) في كتابه "أوربا وروح الشرق".
نام کتاب : شروط النهضة نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست