إن قوة هذا الدين وسلامة قواعده وتنوع أساليبه أوجدت مجالا خصبا للحوار والحرية والإبداع في المجتمع المسلم. [1] وإن من يأخذون ببعض النصوص من الكتاب أو السنة ويريدون تطبيقها في معاملة غير المسلمين يخطئون في فهم منهج الإسلام وطبيعته، فالواجب أن تؤخذ نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة كاملة وتقرر معاملة المسلم مع غيره في ضوئها وعلى هديها وفي القرآن العظيم آيات لا تحصر في الأمر بالبر والصلة والإحسان والعدل والقسط والوفاء بالعهد، والنصوص في ذلك مطلقة تستوعب كل أحد، بل إن نصوص الإحسان تشمل حتى الحيوان وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته» [2] ، وقال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [3] ، وقال: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [4] ، وفي ظل هذا المفهوم العام للإحسان كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة غير المسلمين وهو ما سأشير إليه في المبحث التالي. [1] انظر: أهل الكتاب في المجتمع الإسلامي، حسن الزين، بيروت، ط1 1402 هـ ص 53. [2] رواه مسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة، رقم الحديث: 1955. [3] سورة البقرة، الآية: 195. [4] سورة البقرة الآية: 83.