وعيسى، فهذا رأى أرواحهم مصورة في صورة أبدانهم.. وأما كونه رأى موسى يصلي في قبره، ورآه في السماء أيضا، فهذان لا منافاة بينهما فإن أمر الأرواح من جنس أمر الملائكة، في اللحظة الواحدة تصعد وتهبط، كالملك ليست كالبدن ... إلى آخر ما نقله) [1].
ويورد الشيخ أحمد بن عيسى الأدلة المتعددة على ترادف الدعاء والنداء وأنهما بمعنى واحد، فكان مما قاله رحمه الله ردا على من فرق بينهما:
(كأنه لم يسمع ما ذكره الله في كتابه من أن مدلول النداء والدعاء واحد، قال الله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا. إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً. قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} [2] فقوله: {رَبّ} [3] هذا هو الدعاء، سماه نداء، ثم قال {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً} [4] فتبين أن النداء في هذه الآية هو الدعاء لا غير.
وقال في سورة آل عمران: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبّ} [5] فقوله: {رَبّ} [6] هو الدعاء في قوله: {هُنَالِكَ دَعَا} [7] وفي سورة مريم قال: {إِذْ نَادَى} [8] وفي سورة آل عمران قال: {دَعَا} [9] والصيغة واحدة. ثم قال: {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [10] وقال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [11] وفي الحديث مرفوعا: " دعوة أخي ذي النون لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، ما دعا بها مكروب إلا فرج الله عنه " [12].
ومما يدل على ترادف الدعاء والنداء في كلام العرب، قول الشاعر:
فقلت ادعي وأدعو فإن أندى ... لصوت أن ينادى داعيان13
يبين علامة العراق محمود الآلوسي اختلاف الحياة البرزخية عن الحياة المعهودة.. ومن ثم فلا يجوز سؤال الموتى، يقول رحمه الله:
(إن الأموات لا يسألون سؤال الأحياء بوجه من الوجوه، إذ الموت غير الحياة، وما ثبت لهم من الحياة فهي برزخية غير الحياة المعهودة في الدنيا، فمن أراد بها
1 "الدرر السنية" 1/274،275 باختصار يسير. [2] سورة مريم آية: 2. [3] سورة مريم آية: 4. [4] سورة مريم آية: 4. [5] سورة آل عمران آية: 38. [6] سورة آل عمران آية: 38. [7] سورة آل عمران آية: 38. [8] سورة مريم آية: 3. [9] سورة آل عمران آية: 38. [10] سورة آل عمران آية: 38. [11] سورة الأنبياء آية: 87. [12] سنن الترمذي: كتاب الدعوات (3505) , ومسند أحمد (1/170) .
13 "الرد على الشبهات المستعينين بغير الله"، ص14،15 باختصار.