ويؤكد الشيخ عبد الرحمن بن حسن في رد شافٍ على من احتج بحديث نجد قرن الشيطان أن الذم والمدح يقع على الحال لا على المحل، كما يذكر المراد بنجد قرن الشيطان فقال رحمه الله:
(.. الذم إنما يقع في الحقيقة على الحال لا على المحل، والأحاديث التي وردت في ذم نجد كقوله صلى الله عليه وسلم " اللهم بارك لنا في يمننا. اللهم بارك لنا في شامنا " [1] الحديث.. قيل إنه أراد نجد العراق، لأن في بعض ألفاظه: ذكر المشرق، والعراق شرقي المدينة، والواقع يشهد له، لا نجد الحجاز، ذكره العلماء في شرح هذا الحديث، فقد جرى على العراق من الملاحم والفتن، ما لم يجر في نجد الحجاز، يعرف ذلك من له اطلاع على السير والتاريخ، كخروج الخوارج بها، وكمقتل الحسين، وفتنة ابن الأشعث، وفتنة المختار وقد ادعى النبوة ... وما جرى في ولاية الحجاج بن يوسف من القتال، وسفك الدماء وغير ذلك مما يطول عده.
وعلى كل حال فالذم إنما يكون في حال دون حال، ووقت دون وقت، بحسب حال الساكن، لأن الذم إنما يكون للحال دون المحل، وإن كانت الأماكن تتفاضل. وقد تقع المداولة فيها، فإن الله يداول بين خلقه، حتى في البقاع، فمحل المعصية في زمن قد يكون محل طاعة في زمن آخر، وبالعكس) [2].
ثم قال رحمه الله: (فلو ذم نجد بمسيلمة بعد زواله، وزوال من يصدقه، لذم اليمن بخروج الأسود العنسي ودعواه النبوة..، وما ضر المدينة سكنى اليهود بها، وقد صارت مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومعقل الإسلام، وما ذمت مكة بتكذيب أهلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشدة عداوتهم له، بل هي أحب أرض الله إليه..) [3].
ويذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن في الرد على عثمان بن منصور، الذي وصف أهل هذه الدعوة بأنهم خوارج، ونزل الأحاديث التي وردت في شأن الخوارج عليهم- في رده- أن أهل هذه الدعوة من أبعد الناس عن مشابهة الخوارج، يقول:
(وأما أهل هذه الدعوة الإسلامية التي أظهرها الله بنجد، وانتشرت واعترف بصحتها كثير من العلماء والعقلاء، وأدحض الله حجة من نازعهم بالشهادة، فهم بحمد الله، يدعون إلى ما بعث الله به رسله من إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له..) [4]. [1] البخاري: الجمعة (1037) , والترمذي: المناقب (3953) , وأحمد (2/90 ,2/118) .
2 "مجموعة الرسائل والمسائل" 4/264. [3] المرجع السابق 4/265.
4 "الدرر السنية" 9/195. وانظر: جواب الشيخ عبد الرحمن بن حسن لما سئل عن الخوارج: "الدرر السنية" 8/204، 205.