(حاشا السلف من اعتقاد التشبيه، أو أنهم يسكتون عن ظهور البدع ولكنهم لكمال علمهم، وقوة إيمانهم لم يفهموا ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله تشبيهاً، وأما المعطلة فإنهم فهموا مما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله التشبيه والتجسيم، ثم شرعوا في رد الكتاب والسنة بالتأويلات المستنكرة والتحريفات المزورة، فأخطأوا خطأين، لأنهم شبهوا أولا، ثم عطلوا ثانياً، وأما السلف الصالح، ومن معهم من الخلف الناجح فمسلكهم مسلك بين مسلكين، وهدى بين ضلالتين، أثبتوا بغير تشبيه وتمثيل، ونزهوا بغير تحريف ولا تعطيل، وأنكروا مذهب الجهمية والمعتزلة، وردوا على من قابلهم من المجسمة والممثلة ... ) [1].
وفي رسالة "تنزيه الذات والصفات من درن الإلحاد والشبهات"[2] لأحد علماء نجد، يذكر معتقدهم في أسماء الله وصفاته فيقول:
(اعلم أن إيماننا بما ثبت في نعوته تعالى كإيماننا بذاته المقدسة، إذ الصفات تابعة للموصوف، فنعقل وجود الباري ونميز ذاته المقدسة عن الأشباه، من غير أن نعقل الماهية، فكذلك القول في صفاته نؤمن بها ونعقل وجودها، ونعلمها في الجملة، من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تشبيه ولا تعطيل، ونقول كما قال السلف الصالح: آمنا بالله على مراد الله، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فالاستواء معلوم من الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وكل ما وصف الله به نفسه وجب الإيمان به، كما يجب الإيمان بذاته، والكيف مجهول فيهما، لاستحالة تصوره لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [3] ومن ليس له مثل لا يمكن التصور في ذاته وصفاته لا شرعاً ولا عقلا..) [4].
ويجمل علامة العراق محمود شكري الآلوسي عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مسألة الأسماء والصفات فيقول الآلوسي في "تاريخ نجد":
(قد عرف واشتهر واستفاض من تقرير الشيخ، ومراسلاته، ومصنفاته المسموعة المقروءة عليه، وما ثبت بخطه، وعرف واشتهر من أمره ودعوته وما عليه الفضلاء النبلاء من أصحابه وتلاميذه، أنه على ما كان عليه السلف الصالح، وأئمة الدين أهل
1 "تنبيه النبيه والغبي في الرد على المدراسي والحلبي" (طبع ضمن مجموعة كتب) ، مطبعة كردستان مصر، 1329هـ، ص241. [2] توجد هذه الرسالة مخطوطة -ولكنها ناقصة- في قسم المخطوطات بجامعة الملك سعود، رقم 1356، ومنسوبة إلى محمد بن محسن العطاس (كان حيا سنة 1305هـ) . [3] سورة الشورى آية: 11.
4 "مجموعة الرسائل والمسائل" 4/681.