نام کتاب : بيئات التربية الإسلامية نویسنده : عباس محجوب جلد : 1 صفحه : 118
إن الدولة تستطيع توجيه الوسائل الاجتماعية كلها بدءا بالأسرة والمدرسة وأجهزة الإعلام في خدمة التربية وقد وجه الإسلام إلى تكوين جماعة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مزودة بالخبرات والأساليب التربوية الصحيحة توجه المجتمع من داخله وتراقب ما يجد من انحراف في السلوك للأفراد أو المؤسسات أو الدولة نفسها ثم تعالج الأمور بحكمة وموعظة حسنة متعاونين مع أفراد المجتمع في ذلك {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} .
إن الدول تشرع كثيرا من القوانين لحماية ما يسمى بالنظم الاشتراكية والمكتسبات الثورية وما إلى ذلك فما الذي يمنع المجتمع المسلم من سن القوانين والنظم التي تكفل حماية المجتمع ونظمه وتقاليده ويوقف مظاهر الفساد والانحلال ويحمي النشء والأمة من كل ما يدنس أخلاقها أو ينحرف بها عن التوجيهات التربوية للإسلام وبالتالي تشجع الناس على الفضائل، ويزيل هذا الصراع المستمر بين التعاليم التربوية والإغراءات الخارجية، إن الإسلام يطالب الأسر بالتعاون فيما بينها بتعليم الأسر المتعلمة للأخرى حتى يتحقق التعاون على البر في واقع الحياة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه علقمة عن أبيه قال: "خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأثنى على طوائف من المسلمين خيرا ثم قال: "ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم، ولا يعلمونهم ولا يعظونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم، وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتعظون، والله ليعلمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم وليتعلمن قوم من جيرانهم ويتفقهون ويتعظون أو لأعاجلنهم العقوبة".
فالرسول صلى الله عليه وسلم يبين لنا أن المجتمع يمكن أن يتخذ سلطته عن طريق القوانين التي تكفل سلامة المجتمع وتربيته وتعليمه حتى تتحقق الأهداف التربوية للمجتمع المسلم.
خامسا: الوراثة والبيئة:
أثبت العلم حديثا أن الأطفال يرثون الصفات الثابتة فيهم من أبويهم كما يرثون الصفات الشكلية فيهم، وأن الأطفال يحملون خصائص أصولهم وإن بعدت المسافة الزمنية بينهم وبين أصولهم وأثبتت قوانين الله في الكون أن الفرع يشبه أصله في الكائنات كلها، إن انتقال خصائص الآباء والأجداد للأبناء الذين يمثلون الفروع هو الذي يعرف بعلم الوراثة وهو علم لا يوجد من ينكره، ولكن الخلاف بين العلماء في الشيء الذي يورثه الآباء ومقداره ونوعه.
فالبشرية كلها تشترك في الصفات التي تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات وتورث هذه الصفات جيلا بعد آخر، ولكن هناك صفات خاصة إلى جانب الصفات العامة تتميز بها أمة ما في مكان ما عن الأمم الأخرى وهي التي تميز بها الإفريقي عن الآسيوي والشرقي عن الغربي ثم يتدرج هذا التمايز في الصفات إلى مستوى الأبوين اللذين يورثان ألوانهما وأشكال قامتهما وطبائعهما لأبنائهما وتختلف نسبة الصفات المورثة من الأب والأم والمقدار الذي يرثه من كل منهما، وقد لا يرث الأبناء صفات آبائهم الأقرباء ولكن
نام کتاب : بيئات التربية الإسلامية نویسنده : عباس محجوب جلد : 1 صفحه : 118