ألم يكن المسلمون هم سادة الخلق آنذاك؟.
ألم تكن مدنية الإسلام هي المدنية الزاهرة الحقيقية؛ حيث كان روحها الدين والعدل، والرحمة، حتى لقد شملت بظلها الظليل، وإحسانها المتدفق جميع الناس حتى المخالفين والأعداء؟.
فهل أخَّر المسلمين دينُهم الحقُّ؟ وهل منعهم من الرُّقي الحقيقي؟ وهل نفع الآخرين كُفْرُهم بالله في تلك القرون الطويلة؛ إذ كانوا هم الأذلين المخذولين؟.
ثم لما قصَّر المسلمون في التمسك بدينهم، وقصَّروا في الأخذ بالأسباب الموصلة إلى خيري الدنيا والآخرة - حلَّ بهم التفكك والدمار.
ثم إن التقدم المادي لا يكفي وحده، بل لابد معه من الدين الحق الذي يزكي النفوس، ويرتقي بالأخلاق؛ فها هي أمم الكفر لما ارتقت في علوم المادة وأغفلت جانب الروح - ها هي تتخبط في تيهها وضلالها؛ فهل أغنت عنها تلك المدنية المادية فتيلاً؟
ألم تكن حضارتها قائمة على الظلم، والجشع، والاستبداد، والاستعباد، والتسلط على الأمم الضعيفة؟
ألم ينتشر فيهم الخيانة، والسرقة، والانتحار، والقتل، والأمراض النفسية، والجنسية وغيرها؟.
فهذا أكبر برهان على أن الرقي المادي ينقلب ضرراً على أهله إذا خلا من الدين الحق الذي تستنير به العقول، وتزكو به النفوس.