ولما كان الراحل معرضا للمغريات والشهوات والتعامل مع غير أهل بلده ممن لا يعرفونه، وقد يدفعه ذلك إلى عدم الاحتراز عن مقارفة بعض الخلال السيئة في غربته، بخلاف بلده الذي يعرفه فيه أهله وجيرانه ومجتمعه، ولهم أخلاق وعادات يلتزمون بها ويعدون الخروج عنها شاذا عن ضوابط حياتهم، ولما كان الشارع يريد منه الالتزام بضوابط الشريعة في سفره كحضره، ويزيد على ذلك الإكثار من فعل الخير بما في ذلك الدعوة إلى الله وهداية الضال بإبلاغ الحق إلى العقول، فقد شرع الله له دعاء يلجأ به إليه عند سفره، ليحقق له به كل تلك الأهداف وغيرها من أعمال الخير، وهو يبدأ بهذه العبارة العظيمة التي تعتبر - مع كونها دعاء - توجيها للمسافر ليبني تصرفاته عليها: «اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى» ..] . وتأتي في أثنائه هذه العبارة الدالة على حرص المسافر على حفظ الله إياه حفظا يجعله هو وأهله ممن يلازمون البر والتقوى والعمل بما يرضي الله: «اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل» ..] .