ومما يؤسف له أن المسلمين - الغيورين منهم - لا يفكرون إلا في كيفية اتقاء خطر هذا البث، وكل فئة تفكر في الخطر من زاوية مصلحة خاصة بها - وقد لا تكون مصلحة على الحقيقة - والفئة القادرة على حشد الطاقات لدرء الخطر عن الأمة كلها، وهي فئة الأنظمة الحاكمة في البلدان الإسلامية لا تفكر - غالبا - إلا في درء الخطر عن سلطتها التي قد تزعزعها برامج ومواد البث المباشر، بما تتضمنه من هجوم على أساليب الحكم الاستبدادي وما تنتهكه من حقوق الإنسان في بلدانها، ومع ذلك فإن تفكيرها في الدفاع عن مصالحها السياسية غير جاد؛ لأن غاية ما يمكن أن تعده في برامجها هو الإكثار من مواد المدح والثناء على أنظمتها، والردود الوقتية على ما يرشقها به البث المباشر من انتقادات، وقد تعد المزيد من المواد التافهة التي تظن أنها ستلهي بها الشعوب عن التأثر بالهجوم المرتقب عليها، مثل المسلسلات الغرامية والتمثيليات والأغاني والرقص، والإكثار من اللعب الرياضي ونحوها، وهذه الثلاثة العناصر كلها - المدح المبالغ فيه، والردود الوقتية الباردة، ومواد الإلهاء المزعومة - سوف لا تغني عنهم فتيلا؛ لأن مواد البث المباشر سيوجد فيها من المواد الجادة