فالإيمان حكم الله ولا بد من الرضا به، والعبادة حكم الله ولا بد من الرضا بها، والمعاملات الإسلامية الثابتة بنص من الله أو من رسوله -صلى الله عليه وسلم- حكم الله ولا بد من الرضا بها، والأخلاق حكم الله ولا بد من الرضا بها، والحدود حكم الله ولا بد من الرضا بها، لا بد من التسليم المطلق لله تعالى في كل حكم يحكم به.
ومخطئ من يظن أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يدع إلى تحكيم شرع الله في العهد المكي، ويخلط هذا المخطئ بين معنى الدعوة إلى تحكيم شرع الله الذي هو من صميم توحيد الله، وبين معنى إقامة دولة تحكم بشرع الله.
فالدعوة إلى تحكيم شرع الله والاستسلام له دعوة إلى الإيمان بالله وإلى الإقرار بمعنى "لا إله إلا الله" وقد قام بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما دعا الناس إلى الإقرار بلا إله إلا الله.
وأما إقامة الدولة التي تحكم بالإسلام وتنفذه على رعاياها، فقد أخرها الرسول -صلى الله عليه وسلم- -وما كان له إلا أن يؤخرها- إلى العهد المدني، حيث قويت شوكة المسلمين، وأصبح الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو إمامهم في الصلاة، وقائدهم في الجهاد، وقاضيهم في الخصومات، والآمر الناهي في الدولة.