نام کتاب : الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم نویسنده : الميداني، عبد الرحمن حبنكة جلد : 1 صفحه : 630
والتنظيمات الإدارية لأية أمة من الأمم لا بد أن تخضع دومًا للتطوير والتحسين، واختيار الأفضل والأعدال والأحكم، والأكثر رفقًا بأفراد الشعب، والأبعد عن التعقيدات والتكاليف التي لا فائدة منها، ومثل هذا لا يصح أن يتوقف عند حد، بشرط المحافظة على الحق والعدل والرفق بالناس والتيسير عليهم، وتحقيق مصالح المسلمين ومصالح دولتهم على أحسن الوجوه وأيسرها.
ولهذا فإن أحدًا لا يستطيع أن يضع تنظيمًا إداريًّا عامًّا شاملًا لكل جوانب حياة الناس، على أساس أن يكون هو النظام الإداري الدائم الذي لا يتعرض لنسخ أو تعديل أو تبديل مهما توالت التجربات، وتعاقبت العصور، فالتنظيمات الإدارية أوضاع بشرية زمنية، قابلة للتعديل والتبديل والنسخ، تبعًا لمصالح أفراد الشعب، ومصالح الدولة.
5- القضاء:
وكان القضاء في أكثر أحوال دولة المسلمين وأطوارها قضاء شريفًا نزيهًا، يحكم فيه القضاء بالحق والعدل، عملًا بما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بالقياس على ما جاء فيهما.
وقد كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما لما ولاه قضاء البصرة كتابًا حدد له فيه معالم القضاء الإسلامي؛ إذ جاء فيه1:
"أما بعد، فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أُدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له. آس[2] الناس في مجلسك وفي وجهك وقضائك، حتى لا يطمع شريف في حيفك[3]، ولا ييأس ضعيف من عدلك.
1 نقلًا عن الرواية التي ذكرها ابن قيم الجوزية في كتابه "إعلام الموقعين" وشرحه انظر الجزء الأول صفحة 85 وما بعدها. [2] آس: أي: سوِّ. [3] في حيفك: أي: في جورك منحازًا له.
نام کتاب : الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم نویسنده : الميداني، عبد الرحمن حبنكة جلد : 1 صفحه : 630