الشجاعة في الحق والثبات عليه
ومن آثاره أيضاً على الفرد الشجاعة في الحق والثبات عليه: فالشجاعة في الحق والثبات عليه لا تقوم إلا حينما يعتصم المؤمن بتوحيده وعقيدته.
إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا أعظم الناس شجاعة، وإن أعظم دليل على شجاعتهم أنهم رضي الله عنهم وأرضاهم امتدت فتوحاتهم إلى مشارق الأرض ومغاربها وليس معهم إلا الزاد القليل، وليس معهم مركوب إلا الإبل.
إن الواحد منا لو أراد أن يسافر سفرهم بوسائل النقل الحديثة لتضايق أشد التضايق، فبالله عليك كيف رحلت تلك النفوس على الجمال الشهور الطوال في مدلهمات الظلم وفي الفيافي المقفرة في مشارق ومغاربها فاتحة؟! إنها والله شجاعة الموحد، إنها شجاعة المؤمن الذي وقف أمام زعيم الفرس وهي أكبر دولة في وقته معتزاً بدينه يقول: جاء الله بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
أترى أولئك العرب الصعاليك في جاهليتهم كانوا سيصنعون شيئاً وهم يرفعون راية القومية وراية القرشية وراية التراب والوطن؟ لا والله ما صنعوا في جاهليتهم ولن يصنعوا، لكن كيف تغيرت أحوالهم؟ كيف تحول أولئك الفقراء المساكين إلى قادة؟ ما حولهم -والله- إلى قادة راية قومية ولا راية جاهلية، وإنما حولتهم راية عظمى تقوم على أنه لا إله إلا الله، محمد رسول الله.
لهذا -أيها الأخ المؤمن- فإننا نشاهد اليوم لضعف تحقيقنا لكلمة التوحيد أننا أصبحنا ضعافاً غير شجعان، صرنا نخاف من غير الله تعالى، صار الناس يخوفوننا بالذين من دونه، كما قال تعالى: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر:36] يخوفوننا بالشرق والغرب، كيف تحولت أحوالنا إلى هذه الحال؟ إنه ضعف الإيمان.