responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب نویسنده : الشكعة، مصطفى    جلد : 1  صفحه : 61
عم السفاح، أول ملك عباسي وأسلم على يديه أي على يد عيسى وتسمى باسمه هذا الذي يعرف به في كتب الأدب والتاريخ، وعاش عبد الله بن المقفع حتى زمن أبي جعفر المنصور الذي قتله سنة 142هـ لأسباب اختلف حولها جمهرة الرواد.
وما دمنا قد ذكرنا عبد الحميد الكاتب قبل قليل فإنه من الأهمية بمكان أن نذكر أن عبد الله بن المقفع كان صديقًا له، وكان من الوفاء له بحيث أراد أن يفتديه بنفسه حينما قبض على عبد الحميد، ذلك أن الشرطة العباسية دهمت المنزل الذي كانا يختبئان فيه، فلما واجهتهما قال الشرطي: من منكما عبد الحميد؟ فقال كل منهم في الوقت نفسه: أنا عبد الحميد، الأمر الذي أوقع الشرطة في حيرة، فكل واحد منهما يصر على أنه عبد الحميد، وأخيرًا حسم عبد الحميد الأمر بإبداء علامة في جسده كان معروفًا بها فألقى القبض عليه ثم سيق إلى حيث قتل. أما عبد الله فقد عاش بعد ذلك قرابة عشر سنوات إلى أن لقي مصرعه حسبما مر قبل قليل، ومهما كان من أمر فقد عرف عن ابن المقفع رغم الطعن في دينه الكثير من النبل والكرم ومساعدة ذوي الحاجات.
لقد كان ابن المقفع واحدًا من رواد التصنيف والترجمة عن الفارسية، وهو لم يعمد إلى التأليف ولم يتجه إلى الترجمة قبل أن يتقن اللسان العذب الجديد الذي سوف يكتب به ويؤلف فيه ويثقف عن طريقه نفسه ثقافة عربية عميقة أصيلة بليغة، وقد سئل يومًا: ما البلاغة؟ فقال: البلاغة اسم جامع لمعانٍ تجري في وجوه كثيرة، فمنها ما يكون في السكوت، ومنها ما يكون جوابًا، ومنها ما يكون ابتداء، ومنها ما يكون شعرًا، ومنها ما يكون سجعًا وخطبًا ومنها ما يكون رسائل.
لا شك أن هذا التعريف للبلاغة لا يصدر إلا عن ذهن منفتح يقتل السؤال بحثًا قبل أن يجيب على السائل. إنها نفسها -أي الإجابة- هي الحكمة المأثورة: "البلاغة مطابقة القول لمقتضى الحال". ولكن هذه الإجابة رغم جودتها ينقصها ذلك النمط التعليمي التفصيلي الذي قدمه ابن المقفع.
بل إنه سئل مرة: ما البلاغة؟ فقال: التي إذا سمعها الجاهل ظن أنه يحسن مثلها.
لقد التقى كل من عبد الله بن المقفع والخليل بن أحمد وبقيا يتحادثان ثلاثة أيام ولياليهن، فقيل للخليل: كيف رأيت عبد الله؟ فقال: ما رأيت مثله، وعلمه أكبر من عقله، وقيل لابن المقفع: كيف رأيت الخليل؟ فقال: ما رأيت مثله، وعقله أكبر من عمله[1].

[1] البيان والتبيين "1/ 115، 116".
نام کتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب نویسنده : الشكعة، مصطفى    جلد : 1  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست