responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب نویسنده : الشكعة، مصطفى    جلد : 1  صفحه : 36
ينسبوها إلى الرسول الكريم، خاصة وأن الكثير منها يتصل بجوهر العقيدة ونقائها[1].
لقد كان الخليفة عمر بن الخطاب عزم على جمع الحديث الشريف وحسن له الفكرة بعض الصحابة، ولكنه في ضوء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نهى فيه عن كتابة أحاديثه أخذ يترتب شيئًا فشيئًا إلى أن هداه قلبه إلى الإقلاع عنها قائلا: إني كنت ذكرت لكم من كتابة السنن ما قد علمتم، ثم تذكرت فإذا ناس من أهل الكتاب من قبلكم قد كتبوا مع كتاب الله كتبًا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء[2].
وإن الفكرة نفسها راودت الخليفة الأموي العادل عمر بن عبد العزيز وكتب إلى الأمصار أن ينظروا إلى حديث رسول الله فيجمعوه، ولكن توجيهاته في هذا الشأن لم تنفذ. ربما لتردد القادرين على الجمع في قبولها أو لأن المنية عاجلت الخليفة فلم يتم مشروعه.
على أن مشروع جمع الحديث الشريف لا يلبث أن يصبح حقيقة واقعة حين يقوم محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري المتوفى سنة124هـ بأول محاولة لتدوين الحديث[3]. وقد كان أهلًا لذلك فقد كان يحفظ ألفين ومائتي حديث، وكان عمرو بن دينار ينكر فضله أول الأمر فلما أن رآه، قال: والله ما رأيت مثل هذا الفتى القرشي قط[4]. وكان عمر بن عبد العزيز يقول: عليكم بابن شهاب فإنكم لا تجدون أحدًا أعلم بالسنة الماضية منه. ولقد صدق عمر بن عبد العزيز، فإن أكثر من إمام جليل قد روى عن ابن شهاب الزهري، مثل مالك وسفيان الثوري.
ثم تأخذ فكرة جمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شكلها النهائي حين يرى المسلمون أن المصدر الثاني للتشريع واجب الجمع مهما كانت العقبات التي تعترض طريقه، فيتوفر الإمام الجليل مالك بن أنس 93 - 179هـ على جمعه في كتابه "الموطأ" في المدينة، ويقدم على الجهد نفسه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج في مكة 150 هـ، وعبد الرحمن الأوزاعي في الشام 183هـ، وسفيان الثوري في الكوفة 161هـ، وحماد بن سلمة بن دينار في البصرة 176 هـ. إن كل هذه الجهود تتم في القرن الثاني للهجرة وإن كان الرجال موزعين في الأمصار متفرقين في الأقطار، حسبما رأينا، غير أنهم عاشوا في الفترة الزمنية نفسها وعاصر بعضهم بعضًا.
وفي الثلث الأخير من القرن الثاني حتى العام الأربعين من القرن الثالث 241، عاش

[1] راجع فكر الإسلام "ص 212-215" ففيه مزيد من التفصيل والتمثيل.
[2] فجر الإسلام "221".
[3] الأعلام مادة محمد بن مسلم الزهري.
[4] وفيات الأعيان "4/ 177".
نام کتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب نویسنده : الشكعة، مصطفى    جلد : 1  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست