responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب نویسنده : الشكعة، مصطفى    جلد : 1  صفحه : 25
وأذن له، على أن تكون حلقته يوم الجمعة من كل أسبوع، وهناك قول بأن تميمًا بدأ وعظه كقاصٍّ على عهد عثمان، على أن هذا لا يعنينا إلا من ناحية واحدة هي أن القصص بدأ مبكرًا في الإسلام، وأنه كان وعظًا خالصًا يتتبع فيه القاص طريقة هداية الناس بذكر أحاديث الأقدمين، وأن ذلك كان يتم في مسجد رسول الله في المدينة مرة كل أسبوع أول الأمر، وأن أول قاصٍّ في الإسلام هو تميم الداري.
ومن الطريف أن نعرف أن تميمًا كان نصرانيًّا وأسلم سنة 9هـ، وكان ذا مكانة دينية عند نصارى نجران، وربما كانت نزعته إلى الترهب والوعظ من بقايا أثر المسيحية فيه، ولذلك فقد سمي: راهب أهل عصره.
ولم يكن القاص يؤلف الأخبار التي يستعين بها على وعظ الناس، وإنما كان يستعين بالقصص المتوارثة والأساطير القديمة معتمدًا في أقواله على الترغيب والترهيب.
وينشط القاصون ويتقنون فنهم وينجحون في إشاعة جو روحي بين الناس فتعمد الدولة إلى جعل القصاص موظفًا رسميًّا، فإذا انتهت صلاة الصبح جلس القاص -في المسجد على ما مر بنا- ودعا للخليفة وأنصاره، ودعا على أعدائه وذكر بعض المواعظ.
على أن الأمر بعد ذلك لم يلبث أن شابه بعض الشوائب حين كان القاص لا يتحرى الأخبار التي يحكيها ويقدمها للناس، فشاع الكذب بين بعض القصاص باستثناء الحسن البصري.
وتتسع مهام القاص فيجمع إلى عمله عملًا آخر على جانب آخر من الأهمية وهو القضاء، فقد كان القاضي بعد ذلك قاصًّا رسميًّا. وقد قيل في هذا السبيل إن أول قاص في مصر هو سليمان التجيبي سنة 38هـ جمع القصص إلى القضاء، ثم ما لبث أن تخلى عن القضاء وتفرغ للقصص[1].
على أن هذا الطريق كان محفوفًا بالمكاره؛ لأن كثيرًا من الأساطير اليهودية والنصرانية أفسدته وشكلت بابًا خطيرًا على جوهر العقيدة الإسلامية حين فتحت الطريق لبعض الغلاة فأنشئوا أحاديث مزيفة ونسبوها إلى الرسول قاصدين منها الترغيب والترهيب. ثم ما لبث فساد القصص أن شكل عاملًا آخر في إفساد التاريخ.
والقصاصون من الكثرة بمكان، وقد كان منهم البارعون في سوق أحاديثهم وتنغيمها علوًّا وانخفاضًا، وترديدها إيجازًا وإطنابًا إلى الحد الذي كانوا يتمكنون من خلاله من استدرار دموع التوبة من السامعين، وإبكاء بعض من يعظونهم من الخلفاء حتى تبلل الدموع

[1] راجع فجر الإسلام "ص 158" وما بعدها.
نام کتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب نویسنده : الشكعة، مصطفى    جلد : 1  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست