responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 848
عليهما من مرض في المجتمع البدائي، لكنها لم تنتشلهم من ذلك الفقر انتشالا، وأما الفردية فقد جاءت بالثراء، لكنها كذلك جرت معها القلق والرق، نعم إن الفردية حركت في الممتازين من الرجال قواهم الكامنة، لكنها كذلك نفخت نار التنافس في الحياة فأشعلتها، وجعلت الناس يحسون الفقر إحساسًا مريرًا، مع أن هذا الفقر لم يكن ليؤذي أحدًا حين استوى فيه الجميع.
تستطيع الشيوعية أن تعيش في سهولة أكثر في مجتمعات دائمة الانتقال، لا يزول عنها الخطر والعوز، فالصائدون والرعاة ليس بهم حاجة إلى ملك يحتفظون به، لكن لما أصبحت الزراعة صورة الحياة المستقرة، لم يلبث الناس أن تبينوا أن العناية بالأرض تبلغ أقصاها من حيث غزارة الثمر إذا ما عاد جزاء تلك العناية إلى الأسرة التي قامت بها، فنتج عن ذلك بحكم الانتخاب الطبيعي الكائن بين النظم الاجتماعية والأفكار، كما هو كائن بين الأفراد والجماعات ينتج عن الانتقال من الصيد إلى الزراعة استتبع تحولًا من الملكية القبلية إلى ملكية الأسرة، وبذلك أصبحت أكثر الوحدات الاجتماعية اقتصادًا في نفقات الإنتاج، هي كذلك وحدة الملكية، فما أن أخذت الأسرة شيئًا فشيئًا تتخذ الصورة الأبوية التي تركز السلطة كلها في أكبر الذكور سنا، أخذت الملكية كذلك يزداد تركزها شيئًا فشيئًا في أيدي أفراد، ثم نشأ التوريث لشخص معين عن شخص معين، ولما كان كثيرًا ما يحدث لفرد مغامر أن يغادر مرفأ الأسرة الآمن، ليضرب بمغامراته خارج الحدود التي وقف عندها ذووه، ثم ينتهي به العمل المتصل الشاق أن يستولي على قطعة أرض من الغابة أو الحرج أو المستنقع، فإنه يحرص عليها حرصًا شديدًا لا يسمح لغيره بانتزاعها لأنها ملكه الخاص، حتى لتضطر الجماعة في النهاية أن تعترف بحقه فيها، وبهذا نشأ ضرب آخر من ضروب الملكية الفردية، ومثل هذا الاستيلاء على الأراضي أخذ يزداد اتساعًا حين ازداد السكان واستنفدت قوة الأرض القديمة، حتى وصل الأمر في المجتمعات الأكثر تعقدًا من سواها إلى أن باتت الملكية الفردية هي النظام السائد، ثم جاء اختراع المال فساعد هذه العوامل بتيسيره لجمع الثروة ونقلها وتحويلها، واتخذت حقوق القبيلة القديمة وتقاليدها صورة الملكية بمعناها الدقيق، وأما المالك عندئذ فهو أهل القرية جماعة أو الملك، ثم خضعت الملكية لإعادة التوزيع حينًا بعد حين، ومضى هنا العصر الذي جعل أمر الملكية يتذبذب فيه على هذا النحو من طرف إلى طرف، بين النظام القديم والنظام الجديد، وبعدئذ استقرت الملكية الفردية الخاصة استقرارًا لا شبهة فيه، وأصبحت هي النظام الاقتصادي الأساسي الذي أخذت به المجتمعات في العصور التي دون أخبارها التاريخ.

نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 848
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست