responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 813
كما بينت معالم السداد لسلوكه في الأرض، واطلاعه بما وكل إليه من مهام ومسؤوليات بيانًا دقيقًا صريحًا ضابطًا في قوله سبحانه وتعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (1)
وما أحسب أحدًا يماري في أن المسلمين سيظلون يضطربون في شبه متاهة من سراب الأحلام وتهويمات العقول العشواء، والبصائر المضببة، ما لم ينصرفوا عن الانحباس في قمقم اجتهادات الفقهاء الأقدمين الذين تقطعت بيننا وبينهم أو أوشكت أن تتقطع أسباب التشابه بين أنماط الحياة وأطوار الحضارة، أو يتطلعون في لهث الملهاف إلى ما يتجاذبهم من يمين ويسار، من ألوان النحل والشرائع الوضعية، بعضها وضع لغيرهم ممن يختلف عنهم اختلافًا جذريًا، في البيئة المادية والروحية، وبعضها يبهرج ويزخرف ضلة بهم وانصرافًا عن هويتهم الحضارية وكيانهم العقلي والروحي، أملًا ممن يضعه في تخليد عبوديتهم وتأبيد تسخيرهم، إمابإبقائهم على ضلالة لا يكادون يهتدون لا إلى أسباب اللحاق به، ولا إلى سبل الاحتفاظ بهويتهم واستلهامها والاهتداء بها، وإما بالقضاء عليهم حين تتجاوزهم التطورات الحضارية تجاوزًا يقضي فيهم على كل عنصر من العناصر الأهلية للبقاء، ويقضي عليهم بشريعة البقاء للأصلح.
وما أحسب أحدًا يماري أيضًا في أن قاعدة انصراف المسلمين عن هذه وتلك، من المثبطات أساسها أن يتأهلوا لاستئناف مهمتهم في خلافة الله في الأرض واستعادة الاطلاع بمسؤوليتهم في عمارتها عمارة تنهض على أساس من الأخذ بآخر ما انتهى إليه الفكر البشري من الألوان التقنية المختلفة، وعلى ضبط مسار تلك الألوان وتكييف مسيرتها وتحديد مقصدها، بالتصرف بها وفيها، طبقًا لمقتضيات (العمل الصالح) الجامع بين صلاح الدنيا وصلاح الآخرة، والذي هدى إليه الله سبحانه وتعالى ووشج به وعده حين حدد شروط استخلافهم في الأرض في الآية الكريمة التي استلهمناها آنفًا، وفي قوله جل ثناؤه: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (2)

(1) الآية رقم: (55) من سورة النور.
(2) الآيات رقم: (105) و (106) و (107) من سورة الأنبياء.
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 813
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست