responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 777
روي أنه كان يمارس تفقد أحوال المسلمين ويحرسهم حتى في الليل , فمر ذات ليلة في المدينة وسمع امرأة تغني:
هل من سبيل إلى الخمر فأشربها
أو من سبيل إلى نصر بن حجاج
فسأل عن نصر هذا , فإذا هو أصبح الناس وجهًا وأحسنهم شعرًا , فأمر بقص شعره , فلم يفقد حسنه , فأمره بأن يعتم , فازداد حسنًا , فقال عمر: والله لا يقيم بأرض أنا فيها , ونفاه إلى البصرة بعد أن سلمه ما ينفعه في سفره.
وما روته كتب السيرة يفيد أن عمر بن الخطاب قسى في حكمه هذا على هذا الشاب الذي جادله وقال له: لقد سمتني قتل نفسي. فقال عمر: كيف ذلك قال: إن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} (1)
فقرن قتل النفس بالنفي والخروج من الديار. فقال عمر: ما أبعدت ولكن أقول ما قال شعيب عليه السلام:
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (2)
ثم قال له: ولقد أضعفت عطاءك ليكون ذلك عوضًا لك.
وقد حاول بعضهم تفسير موقف عمر هذا طبق مقاصد الشريعة وأحكامها في حرمة الناس وحرمة حرياتهم في أبدانهم وأموالهم خاصة إذا لم يقترفوا جريمة تعاقب عليها. يقول العقاد في كتابه عبقرية عمر:
" وفي القضية جور على نصر بن حجاج لا جدال فيه , ولكن في سبيل مصلحة أكبر وأبقى , أي في مصلحة عامة يرعاها الحكم العسكري في أزمنة كأزمنة عمر ويقضي فيها بما هو أعجب من إقصاء نصر بن حجاج يرعاها أحيانًا بمنع الإقامة بمكان ومنع المرور من طريق وتحريم تجارة لا حرام فيها ومراقبة إنسان يخشى أن يقترف جريمة وتقييد السهر بعد وقت معين من الليل.
ويقول عميد كلية عين شمس الأستاذ سليمان الطماوي في كتابه عمر بن الخطاب:
إن عهد عمر كان عهد تعبئة عامة لجميع الرجال القادرين على القتال , ونصر بن حجاج شاب فيه فتوة , وليس فيه ما يمنعه من الذهاب إلى ميادين القتال , ولكنه بدلًا من ذلك بقي في المدينة يصفف شعره ويجالس النساء. حقيقة إن الجهاد في الإسلام يقوم على التطوع الاختياري , ولكن أليس الخليفة ملزمًا بأن يحافظ على أعراض جنوده المجاهدين في سبيل الله.

(1) النساء: 66.
(2) هود: 88.
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 777
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست