نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 4 صفحه : 507
فإن قيل: إن في هذه الشركات نقودا أو بيع النقد بنقد، ولا يصح إلا بشرطه. كما أن للشركة ديونا في ذمم الغير، أو إن على تلك السهام المبيعة قسطا من الديون التي قد تكون على أصل الشركة، وبيع الدين في الذمم لا يجوز إلا لمن هو عليه بشرطه. فيقال: إن هذه من الأشياء التابعة التي لا تستغل بحكم، بل هي تابعة لغيرها، والقاعدة: أنه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا. ويدل على ذلك حديث ابن عمر مرفوعا: ((من باع عبدا وله مال، فماله للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع)) رواه مسلم.
فعموم الحديث يتناول مال العبد الموجود، والذي له في ذمم الناس، وهذه الشركات ليس المقصود منها موجوداتها الحالية، وإنما المقصود منها ما وراء ذلك، وهو نجاحها ومستقبلها وقوة الأصل في إنتاجها والحصول على أرباحها المستمرة. والله أعلم. اهـ. كلامه رحمه الله.
وبعد: فمعرفة الحكم الشرعي في حكم تأسيس الشركات وفي حكم المساهمة بها وحكم التعامل بها بيعا وشراء وغير ذلك أمر يهمنا في هذا الباب؛ فإن الكلام في حكم زكاتها فرع عن معرفة هذه الأحكام، وهنا يحكي لنا سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله الإجماع على جواز بيع سهامها، ويسند الدليل إلى عموميات الشريعة الإسلامية وتكفلها بتلبية البيان الشافي في أحوال الدنيا والآخرة.
ومن أصول الشريعة الإسلامية القاعدة الآتية:
الأصل في المعاملات والعادات الإباحة والجواز، ما لم يأت دليل يدل على حرمتها.
وبعد أن تصورنا الشركات وعرفنا أحكامها الشرعية من حيث التأسيس والإنشاء، ومن حيث التداول والتصرف بأسهمها بالبيع والشراء وسائر التصرفات، أمكننا أن نعطي الحكم عليها من حيث وجوب الزكاة من عدمه، ومن حيث قدر الزكاة فيها ومكان الوجوب من رأس مالها أو ربحها أو منها جميعا. ذلك فإن ما سبق من المقدمات واجب أمام البحث والحكم الشرعي. فإن في الزكاة عنصرين هامين في تحقيق وجود الزكاة في المال:
العنصر الأول: حله وطهارته؛ فإن الأموال المحرمة المكتسبة من طرق محرمة وبأسباب غير مشروعة يجب التخلص منها كلها نهائيا، ولا تطهرها الزكاة والصدقات؛ فإن الله طيب لا يقبل من الأعمال إلا طيبا. فالأموال المحرمة إن اكتسبت بطريق الظلم والغصب والاستيلاء بغير حق وجب ردها إلى أصحابها، وإن اكتسبت من خدمات محرمة ومعاملات فاسدة كالمنافع المحرمة والربا والغش فهذه يجب إعطاؤها الفقراء أو جعلها في المشاريع الخيرية ونحو ذلك.
العنصر الثاني: إن الزكاة مواساة بين الأغنياء والفقراء وبين أصحاب الأموال والمعدمين.
ومن هذا المنطلق فإن الزكاة لا تجب إلا في الأموال النامية من تجارة أو زراعة أو أنعام سائمة. وأما الأموال التي لا تنمو ولم تعد للنماء، فلا زكاة فيها، وذلك كأموال القنية من المساكن والمراكب والفرش والأواني والملابس ونحو ذلك، فهذه لا زكاة فيها، وسيأتي تفصيل في أنواع الشركات وما هو منها تجاري وما هو صناعي، ثم بيان طريق زكاتها
، هل الزكاة في أصل الأسهم والأرباح أو في الأرباح فقط؟
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 4 صفحه : 507