responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 307
وكان موجب الجناية عمداً على النفس والأطراف هو القصاص. قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} البقرة: 179. ويمكن العفو كما هو معروف عن ذلك كله: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} البقرة: 37. وقال سبحانه: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} الإسراء: 33.
وأما جناية الخطأ فموجبها الدية. وهي تعويض مالي لتفويت منفعة الجسم أو العضو. وهو محض حق الإنسان ولذلك تدخل تحت الولاية عفواً وإسقاطاً. وهذا بخلاف جريمة الزنا فإن العقوبة عليها محض حق الله تعالى؛ لذلك لا يقبل بعد ثبوتها الإسقاط ولا العفو ولا الصلح على مال. وكذلك الشأن في السرقة وسائر الحدود. ولما كان التعويض المالي عن القتل الخطأ مقررا ابتداء وفي القتل العمد مقررا صلحا، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} النساء 92. وقال عليه الصلاة والسلام: ((في النفس مائة من الإبل)) . وروي أنه عليه الصلاة والسلام (قضى في قتيل بعشرة آلاف درهم) . هذا ودية النفس أو العضو ليست ثمنا بحال من الأحوال؛ لأنها إنما شرعت صيانة للنفس عن الهدر، لا ثمنا لها. ولذلك قدرها الشرع ولم يترك تقديرها ابتداء للعباد. ومجمل القول: إن لله تعالى في النفس حق الاستعباد، كما أن للعبد حق الاستمتاع، وحق العبد غالب؛ لذلك يجري فيه الإرث، ويصح الاعتياض عنه بالمال بطريق الصلح. وقال السرخسي في مبسوطه: لما أوجب الله تعالى حق العبد في النفس والأطراف. لذلك عمل فيه إسقاطه، ويورث عنه ويسقط الإذن. وقال السمرقندي في التحفة: لو عفا المجروح عن الجراحة ثم مات منه صح عفوه استحساناً. وهذا كله أمارة أن التعويض المقدر هو حق العبد، فكان له ولاية المطالبة كما كان له ولاية الإسقاط والصلح. وبسط الكاساني القول في المسألة وزادها إيضاحاً بل، وكاد يلامس القضية بالذات من خلال تعريفه الأحكام في عبارته التي جاء بها فيها: ولو قال: أقطع يدي فقطع، لا شيء عليه بالإجماع. ووجه الحكم فيه لأن الأطراف يسلك فيها مسلك الأموال. وعصمة الأموال تثبت حقا له أي: الإنسان. فكانت محتملة للسقوط بالإباحة والإذن، كما لو قال له: أتلف مالي، فأتلفه، قلت - أي هو المصنف -: ولا يخلو فعلهما حال القطع من الإثم لكل من الآمر والقاطع؛ لأنهما اشتركا في تنفيذ فعل محظور شرعاً. هذا وجاء في مشروعية القصاص ما نصه: هذه العقوبة جزاء الفعل في الأصل. وأجزية الأفعال تجب في حق الله تعالى. ولكن لما كان وجوبها بطريقة المماثلة عرفنا أن معنى الحق راجح فيها، وأن وجوبها للجبران بحسب الإمكان كما وقعت إليه في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة: 179. ولهذا جرى فيه الإرث. وصح العفو والاعتياض بطريقة الصلح بالمال، كما في حقوق العباد المحضة كبدل المتلفات.

نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست