responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1993
ولعل الطريقة التأليفية أنسب ملاءمة مع الواقع السياسي المعاصر، وأضمن من العثرات وأدعى إلى الاطمئنان، وتقتضي هذه الطريقة طلب الوحدة من خلال الواقع القائم على أساس التعامل معه تعديلا وتصحيحا، لا على أساس الإدبار عن هذا الواقع والاستخفاف بشأنه الاجتماعي ولا بكفاءته المعرقلة.
وخلافا للطريقة الرأسية فإن الطريقة التأليفية لا تري في القضاء على الخصوصيات الوطنية شرطا واجبا لبناء الوحدة، ولا في محو السيادات القطرية أو توهين المؤسسات الدستورية المميزة. بل تعتمد جميع هذه الخصوصيات وتعمل على توظيفها لفائدة هدف الوحدة، وحدة تأليفية تركيبية، لا وحدة تسطيح وتقليم.
لو جاز أن نستعير من لغة رجال الحديث الشريف لقلنا إن الطريقة التأليفية تتوخى منطق التعديل ولا تتوخى منطق الجرح، وتقصد إلى إنشاء وحدة متعددة الجوانب، مؤلفة بين الخصوصيات، ولا تروم وحدة أحادية النظام والصيغة، على نمط واحد فريد لا بديل له.
ولو أمعنا النظر فيما أقامته طائفة من المجتمعات العصرية من تنظيمات جهوية وحدوية المقصد، لوجدناها قائمة على احترام الخصوصيات، رغبة أو رهبة، وعلى توظيف هذه الخصوصيات لفائدة المشروع المشترك.
ولنا تجارب الاتحاد السوفياتي في تعامله مع الأقليات الإسلامية خير شاهد على المشاريع الوحدوية القائمة على محو الخصائص، وتقليم مقومات الذاتية، وإنكار وجود الواقع العريق، وقد أذعنت سلطات الشيوعية الماركسية في موسكو للواقع الإسلامي في الجمهوريات الإسلامية، وأيقنت أن للإسلام في هذه الجمهوريات جذورا لا تقوى على اقتلاعها معاول الاشتراكية العلمية، وأن محاولة اقتلاع هذه الجذور، كما رام ذلك الطاغية ستالين هي محاولة فاشلة، لا طمع في بلوغها ولا رجاء في جدواها السياسية.
ومن البدهي أن تتوخي الطريقة التأليفية منطق المرحلية الزمانية، وتسعى في طلب الوحدة حسب جدول من الآمال العريضة، إيمانا بأن القرارات السياسية لا تغير من مسار الشعوب إلا إذا غير الناس ما بالأنفس وفقا للحكمة الربانية الخالدة المنصوص عليها في الآية الكريمة: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} . (1)
وقد لا يتيسر حصول هذا التغيير الأنفسي بصورة عميقة باقية على استعجال وارتجال في الأجل القريب.

(1) الرعد: الآية (11)
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1993
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست