نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 4 صفحه : 1893
الفصل الثالث
في الأخلاق وأنواعها
تمهيد: في الأخلاق والنفوس البشرية وقابليتها:
إذا أردنا أن نبحث أخلاق الإنسان من حيث أنواعها وأقسامها وتأثيرها في سلوك الفرد والجماعة، ومن حيث مكانتها وغايتها.. فلا بد أن نلاحظ أولا: إلى ما أودع الله في الإنسان من غرائز وميول، وما أسنده إليه من تكاليف.. ليتبين لنا مدى أهمية الأخلاق في السلوك.
فلكل مخلوق في الأرض طابعه وعاداته، فللحيوان الأعجم عاداته وطبائعه، وللإنسان العاقل عاداته وأخلاقه.. فعادات الحيوان قليلة ومحدودة لضآلة مبلغ علمه، وقدرته وإرادته، بخلاف الإنسان، فقد أوتي من العلم والإرادة والقدرة والبيان والكمال الجسدي ما لم يؤتَ غيره، ولذا كانت دائرة عادته وأخلاقه كثيرة جدا..
وإذا لاحظنا تلك الأخلاق نجد بعضها يشترك فيه كثير من الناس، وبعضها يختص به أناس، وبعض منها قريب القبول من الناس وبعضها بعيد القبول.. وبعض منها يقبله العقل السليم والذوق المستقيم. وبعض منها يرفضه ويأباه.. وبعضها يتفق مع سنن الكون، وبعضها يختلف معه تماما.. وبعضها حسن يجتمع الناس على حسنه، وبعضها سيء يتفقون على فحشه وقبحه، وبعضها يتنازعون فيه، وبعضها ثابت، وبعضها متغير.. فبعض من الناس مفكرون وبعضهم مقلدون وبعضهم شهوانيون، وبعضهم أنانيون. إلخ..
ومنهم من عنده استعداد لنوع من السلوك، ومن عنده استعداد لنوع آخر، ومنهم من توصل بتجربته إلى نوع معين من الأخلاق.. وقد قيل: إن أهل البلاد الحارة أكثر كسلا.. وإن أهل البلاد الباردة أكثر هدوءا.. وإن أخلاق النباتيين تختلف عن أخلاق أكلة اللحوم (الإسلام لسعيد حوى ص: 97، 98) .
وهذه الأخلاق منها الحسن والسيئ والطيب والكريم والخبيث واللئيم. فالكذب خلق سيء، وكذلك الغش والخيانة.. والصدق خلق كريم، وكذلك الإخلاص والعفة..
فمن الذي يصدر الحكم على كل خلق بأنه حسن أو قبيح؛ هل يستقل العقل البشري بالحكم؟ أو التجربة الطويلة..؟ أو الله الذي هو أحكم الحاكمين..؟
لا ريب أن العقل السليم لو فكر تفكيرا سليما أنه يصل إلى أحكام صحيحة في الحكم على بعض الأخلاق.. كالتسويف بإنجاز الواجبات.. ولكن العقل والتجربة لا يصلحان للحكم على جميع الأخلاق ألبتة.. لأن أحكامها ليست أحكاما قطعية للأسباب التالية:
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 4 صفحه : 1893