responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1886
فالأخلاق الفاضلة هي ميزة الإنسان الكامل في أمته وهي من صفات سيدنا محمد –عليه الصلاة والسلام- فقد قال الله تعالى: في حسن سلوكه وسجيته: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [1] . وكان ذلك برحمة من الله ورعاية منه وحده، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [2] .
وقال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [3] .
فحقا كان (صلى الله عليه وسلم) كما وصفه الله صاحب الخلق العظيم. متخلقا بكل خلق كريم ومبتعدا عن كل وصف ذميم، فكان أمين الأمة، وأرحم الناس للناس وأنصحهم، وأفصحهم لسانا، وأقواهم بيانا، قبل النبوة وبعدها. بشهادة زوجته أم المؤمنين خديجة –رضي الله عنها- حين قالت له: (كلا والله لا يخزيك الله إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتُقْرِي الضيف، وتُعين على نوائب الحق) .
ولا شك أن الأخلاق الفاضلة هي الدعامة الأولى لحفظ كيان الأمم وتقدمها في ميادين الحياة.. فهي عنصر ضروري للفرد. لصالح نفسه، وللمجتمع في جملته.. فكما يضر الفرد ويفسد أعماله أن يكون كذابا مرائيا حسودا شريرا ماكرا إلخ.. فكذلك تفسد الجماعة شيوعها في آحادها..
فالإنسان لا يحفظ إنسانيته عن الانحطاط إلا بالأخلاق الفاضلة، والأمة لا تحفظ كيانها عن التحلل والاضمحلال إلا بها.
ولهذا اتجهت عناية بعض الفلاسفة والمشرعين العاملين على إنهاض الجماعات الأوربية –في أول الأمر- إلى الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، لأنها هي الدعامة الأولى في بناء كل مجتمع سليم.. قال الفيلسوف (شاتوبريان) : (الأخلاق أساس كل مجتمع) [4] . ولكنهم ما طبقوا على ذلك بل عكسوا الأمر كله، فقتلوا كل فضيلة وأقبروها، وفسحوا كل رذيلة ونشروها، مع اعترافهم بأن الأخلاق الفاضلة فيها كمال الإنسان وسعادة المجتمع. كما أن الأخلاق السيئة فيها انهيار الإنسان وخراب الأمة. فماتت الفضيلة لدى تلك الأمم في مهدها لأنهم ما أخذوها من مصدرها الأصيل، فما عرفوها حق معرفتها. وما راعوها حق رعايتها. وما قدروها حق قدرها.. فغيروها وبدلوها كبدلهم (الإحسان) بالضريبة..

[1] القلم: الآية (4)
[2] آل عمران: الآية (159)
[3] التوبة: الآية (128)
[4] انظر روح الدين الإسلامي، العفيفي الدين طبارة (ص 204)
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1886
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست