responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1382
وفي مثل هذه الحال يكون للظرفية البيئوية أن تتحكم في تعيين طرق الاجتهاد وأساليبه كلما عرضت قضية أو استجد أمر يتعين معها أو معه الاجتهاد في حكمه أساسًا أو في طريقة تطبيقة الحكم عليه وفي كيفية التطبيق.
وقد أبدع ابن القيم - رحمه الله - فشفى وأعجز في بيان تأثير الظرفية - بيئوية وزمنية - في تحديد وتكييف طرائق استنباط الأحكام وتطبيقها فقال [1] وهو يشرح مسألة الطلاق الثلاث وما استحدثه عمر - رضي الله عنه - من موقف بشأنها وكيف أن هذا الموقف لا ينبغي اعتباره أساسًا لا محيد عنه حين يتبين أن الأسباب المؤدية أو المناطات المعتبرة له لم تعد قائمة:
"والذي ندين الله به ولا يسعنا غيره وهو القصد في هذا الباب أن الحديث إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصح عنه حديث آخر ينسخه أن الفرض علينا وعلى الأمة الأخذ بحديثه وترك كل ما خالفه ولا نتركه لخلاف أحد من الناس كائنًا من كان لا راويه ولا غيره إذ من الممكن أن ينسى الراوي الحديث أو لا يحضره وقت الفتيا أولا يتفطن بدلالته على تلك المسألة أو يتأول تأويلًا مرجوحًا أو يقوم في ظنه عما يعارضه ولا يكون معارضًا في نفس الأمر أو يقلد غيره في فتواه بخلافه لاعتقاده أنه أعلم منه وأنه إنما خالفه لما هو أقوى منه ولو قدر انتفاء ذلك كله ولا سبيل إلى العلم بانتفائه ولا ظنه لم يكن الراوي معصومًا ولم توجب مخالفته لما رواه سقوط عدالته حتى تغلب سيأته حسناته وبخلاف هذا الحديث الواحد لا يحصل له ذلك".
ثم قال:
" إذا عرفت هذا فهذه المسألة - يعنى إيقاع الطلاق الثلاث باللفظ به مرة واحدة - مما تغيرت الفتوى بها بحسب الأزمنة كما عرفت لما رأته الصحابة من المصلحة لأنهم رأوا مفسدة تتابع الناس في إيقاع الثلاث لا تدفع إلا بإمضائها عليهم فرأوا مصلحة الإمضاء أقوى من مفسدة الوقوع ولم يكن باب التحليل الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله مفتوحًا بوجه ما، بل كانوا أشد خلق الله في المنع منه وتوعد عمر فاعله بالرجم وكانوا عاملين بالطلاق المأذون فيه وأما في هذه الأزمان التي قد شكت الفروج فيها إلى ربها من مفسدة التحليل وقبح ما يرتكبه المحللون مما هو رمد بل عمى في عين الدين وشجى في حلوق المؤمنين من قبائح تشمت أعداء الدين به وتمنع كثيرًا ممن يريد الدخول به في سببه بحيث لا يحيط بتفاصيلها خطاب ولا يحصرها كتاب يراها المؤمنون كلهم من أقبح القبائح ويعدونها من أعظم الفضائح فقد قلبت من الدين رسمه وغيرت منه اسمه وضخ التيس المستعار فيها المطلقة بنجاسة التحليل وقد زعم أنه طيبها للحليل".
إلى أن قال [2] :
" ... فألزمهم عمر بالطلاق الثلاث إذا جمعوها ليكفوا عنه إذ أن المرأة تحرم به وأنه لا سبيل إلى عودها بالتحليل، فلما تغير الزمان وبعد العهد بالسنة وآثار القوم وقامت سوق التحليل ونفقت في الناس فالواجب أن يرد الأمر إلى ما كان عليه في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وخليفته من الإفتاء بما يعطل سوق التحليل أو يقللها ويخفف شرها، إذا عرض على من وفقه الله وبصره بالهدى وفقهه في دينه مسألة كون الثلاث واحدة ومسألة التحليل ووازن بينهما تبين له التفاوت وعلم أي المسألتين أولى بالدين وأصلح للمسلمين".

[1] أعلام الموقعين. ج: 3. ص: 52.
[2] أعلام الموقعين. ج: 3. ص: 52.
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1382
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست