نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 4 صفحه : 1355
ذلك بأنه لا سبيل إلى تحكيم الفقيه وحده أو الخبير وحده في شأن من شؤون الاقتصاد مثلًا واعتبار حكم هذا أو ذاك مما يرتضيه الشرع أو لا يتناقض معه وإن تراءى أوثق بالشرع أو أوثق بالمصلحة.
فالظروف التي نشًأ فيها الفقه الإسلامي وتطور كانت طرائق المعاملات ذات الطابع الاقتصادي لا تكاد تتشابه مع ظروف معاملاتنا اليوم شكلًا ولا موضوعًا، كان الاقتصاد يومئذ فرديًا صرفًا وكان النقد عينيًا صرفًا ويكاد التعامل بالمقايضة لا يختلف عن التعامل بالنقد فكلا التعاملين يقوم على نمط من التقييم وكان مدار الكسب الجهد الفردي ومجال التجارة الجهد الفردي فإن اشترك اثنان أو ثلاثة أو أكثر فلفترة محدودة في بضاعة محدودة لزمن محدود. فالبنية الاقتصادية إذن كانت بنية فردية صرفة، كذلك كانت الصناعة فليست أكثر من عمل فرد في يعتمد على خبرة فردية مصدرها في أغلب شأنها ما يكتسب من التجربة
الفردية ومداها في كل شأنها ما تستطيع قوة الفرد أن تنتج فأين هذا من شأن اقتصادنا اليوم وقد أصبح كيانات جبارة ليس الفرد فيها إلا كلولب صغير من اللوالب التي تضبط بها أجزاء المصنع ولا وجود فيها لعينية النقد وإنما هو قطع اعتبارية من الورق أو المعدن ويكاد لا يكون لها أساس يمكن لمسه أو تشخيصه وإنما هو مجموعة اعتبارات (الطاقة الإنتاجية ومدخرات العملة الصعبة ومدخرات الذهب ومدخرات الأرض من المعادن المعتبرة) فكيف يحاول من يحاول أن يحكم طرائق الممارسة التي ضبط لها الفقهاء أحكامًا مما استنبطوه من النصوص القرآنية أو السنية لعهودهم تلك في أوضاعنا الراهنة هذه؟
إنه لا مناص من أن يشترك الخبير والفقيه في الاجتهاد بل وأن يتعاونا على إعادة قراءة النصوص وفهمها من جديد. فبدون ذلك لن يكون للإسلام بقاء ولن يتاح له أن يستعيد هيمنته هاديًا وموجهًا وضابطًا على الأمة الإسلامية فضلًا عن أن يجتذب إليه الأمم والنحل الأخرى.
واعتبارًا لكل هذا قررنا بأن الحكم في الظروف التي يتعين فيها تدخل ولي الأمر في ما خول للإنسان من حق الانتفاع والمنفعة والتصرف والتصريف إذا تعين التدخل فيه يجب أن يعتمد على اجتهاد مزدوج من كل من الفقيه والخبير لا ينفرد به أحدهما ولكن لولى الأمر - لاسيما إذا كان خبيرًا - حق الموازنة والترجيح واتخاذ القرار.
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 4 صفحه : 1355