responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1320
وحسما لهذا وذاك تجاوز عمر ظاهر النصوص واعتمدنا قاعدة التصرف بمقتضى المصلحة العامة , فرزأها في قميصيهما ابتغاء أن يشيع خبر ما فعل , وأن يتردد شيوعه بين الناس , فيزدجر المترصدون للاحتذاء , ويحرص المتربصون للغمز واللمز وترتكز قاعدة سياسية واجتماعية مفادها تأكيد حظر لبس الحرير إلا لضرورة مثل التي أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجلها لعبد الرحمن بن عوف أن يلبسه وتطبيق حكم الحظر على الناس جميعًا وإن اختلفت مواقعهم ومقاماتهم بأسلوب واحد لا يتأثر باختلاف المواقع والمقامات , فتتأكد بذلك سنة المساواة بين الناس في الحكم وتطبيق الحكم.
وتحريق باب قصر سعد عمل سياسي بعيد المدى عميق الأثر , فعمر أعلم الناس بأنه لو كتب إلى سعد مجرد كتاب يأمره أن يهدم القصر , لا أن يخلع بابه فحسب , لما وضع سعد الكتاب من يده قبل أن يكون قد شرع في هدم القصر.
ولكن "أقاويل " بلغت عمر , فخشي على دولة المسلمين أن تنتشر فيها "قالات " تخدش ثقة العامة في قادتها وصدور أئمتها , وما من شك في أن الناس جميعًا - أو جمهرة منهم على الأقل , لا سيما أهل الكوفة وكانوا جندًا لسعد في فارس - قد سمعوا أنه من المبشرين بالجنة , وعلموا مكانته من رسول الله صلى الله عليه وسلم والقالة فيه تشيع الريبة فيمن لا يزالون من الإسلام على رخاوة، ومن يدري فالعهد بالنفاق غير بعيد وإن مضت أعوام على لحاق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى , والاحتمال قوي بأن لا يزال في الناس منافقون دخلوا الإسلام رهبة من السيف أو رغبة في الكيد والفسق. وإذا فقد يجدون من قصر سعد - وقد بني على نمط قصور الأكاسرة كما تقول الروايات - ومن إغلاق سعد بابه على الغوغاء الذين يصطخبون عند بابه بتجارتهم , إذ كانت السوق بجانب القصر , والمسجد مادة للارتياب في مدلول العدل والمساواة في الإسلام أو للدس والوقيعة بين عامة المسلمين وصدور أئمتهم , فكان لزامًا أن يقضى على مثل هذا الاحتمال بعمل حاسم صاخب تتناقله الألسنة , ويتخذ منه الناس حديث مجلسهم , ويعتبر به غير سعد من العمال , وقل فيهم أو استحال من يسامت سعدًا موقعًا ومقامًا وعمق دين. ولا ريب عندنا في أن عمر قد ارتأى ذلك , وأبعد منه مدى وأعمق أثرًا وأبلغ اعتبارًا حين أمر محمد بن مسلمة بإحراق باب قصر سعد دون أن يطرقه أو ينذره , ولم يكن يقصد سعدًا بأمره , وإنما كان يقصد غيره من العمال , ويقصد عامة الناس.

نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1320
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست