responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1123
وقال محمد الطاهر بن عاشور [1] : والخطاب في قوله: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ} كمثل الخطاب في {وَآَتُوا الْيَتَامَى} [2] {وَآَتُوا النِّسَاءَ} [3] هو لعموم الناس المخاطبين بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ} .
ثم قال: والمراد بالأموال أموال المحاجير المملوكة لهم، ألا ترى إلى قوله {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا} وأضيفت الأموال إلى ضمير المخاطبين بـ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} إشارة بديعة إلى أن المال الرائج بين الناس هو حق لمالكيه المختصين به في ظاهر الأمر، ولكنه عند التأمل تلوح فيه حقوق الأمة جمعًا، لأن في حصوله منفعة للأمة كلها، لأن ما في أيدي بعض أفرادها من الثروة يعود إلى الجميع بالمصلحة، فمن تلك الأموال ينفق أربابها ويستأجرون ويشترون ويتصدقون، ثم تورث عنهم إذا ماتوا، فينتقل المال بذلك من يد إلى غيرها، فينتفع العاجز والعامل والتاجر والفقير والكفاف، ومتى قلت الأموال من أيدي الناس تقاربوا في الحاجة والخصاصة، فأصبحوا في ضنك وبؤس واحتاجوا إلى قبيلة أو أمة أخرى، وذلك من ابتزاز عزهم وامتلاك بلادهم وتصيير منافعهم لخدمة غيرهم. فلأجل هاته الحكمة أضاف الله تعالى الأموال إلى جمع المخاطبين ليكون لهم الحق في إقامة الأحكام التي تحفظ الثروة العامة، وهذه إشارة، لا أحسب أن حكيما من حكماء الاقتصاد سبق القرآن إلى بيانها، وقد أبعد جماعة جعلوا الإضافة لأدنى ملابسة؛ لأن الأموال في يد الأولياء وجعلوا الخطاب للأولياء خاصة، وجماعة جعلوا الإضافة للمخاطبين؛ لأن الأموال وإن لم تكن أموالهم حقيقة، وإليه مال الزمخشري، وجماعة جعلوا الإضافة؛ لأن السفهاء من نوع المخاطبين، فكأن أموالهم أموالهم، وإليه مال فخر الدين، وقارب ابن العربي إذ قال: لأن الأموال مشتركة بين الخلق تنتقل من يد إلى يد، وتخرج من ملك إلى ملك وما ذكرته من البيان كان لكلمته هذه شأن، وأجد فريق آخرون فجعلوا الإضافة حقيقة أي لا تؤتوا - بأصحاب الأموال - أموالكم لمن يضيعها من أولادكم ونسائكم وهذا أبعد الوجوه، ولا إخال الحامل على هذا التقدير إلا الحيرة في وجه الجمع بين كون الممنوعين من الأموال السفهاء وبين إضافة تلك الأموال إلى ضمير المخاطبين، وإنما وصفته بالبعد؛ لأن قائله جعله هو المقصود من الآية، ولو جعله وجهًا جائزًا يقوم من لفظ الآية لكان له وجه وجيه.

[1] التحرير والتنوير. ج: 4. ص: 234 و236.
[2] النساء: الآية رقم 2.
[3] النساء: الآية رقم 4.
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست