responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1121
فأين هذا من أمر الآثمين من بني إسرائيل بأن يقتلوا أنفسهم تكفيرًا عما اقترفوه والتنديد بالظالمين منهم بأنهم يقتلون أنفسهم بما يسفكون من دماء بعضهم بعضًا، فيقتل البريء ظلما، ويقتل أو يستحق القتل الجاني ثأرًا أو قصاصًا؟!
أما الاستدلال بقوله سبحانه وتعالى في سورة النساء فاستدلال عجب، وأعجب منه أن يصدر من الرازي ذي العلاقة الوثقى بالفلسفة والشغف، أي أوشك أن يكون مسرفًا بها وبما تنهض عليه في عهده من طرائق المنطق الأرسطي، ذلك بأن الآية الكريمة وردت في معرض إباحة الزواج بالإماء {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [1] وجلي أن أي زواج لا ينعقد بحرة أو أمة إلا أن يأذن به ولي أمرها، وولي أمر الأمة مالكها، ولا سبيل إلى تصور أن أي إنسان يستطيع أن يعقد لرجل على أمة وإن كان لا يملكها بناء على أن الخطاب موجه على أساس نوع الوحدة الإنسانية، ثم إن كلمة {مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وردت كثيرًا في القرآن الكريم في تشريع حقوق ملك اليمين وواجبات المالك لهم وكيف ينبغي أن يعاملوا فيما يتجاوز الواجب، ولا سبيل حتى إلى مجرد التصور أن هذا التشريع يتجه إلى المجتمع الإنساني باعتباره كيانًا متميزًا على أساس من الوحدة النوعية، ليس متجهًا إليه باعتباره مجموعة أفراد يتحمل كل فرد تبعة عمله ومسؤولية تصرفاته، إذ لو كان متجهًا إلى المجتمع ككيان متميز مأذون له بالصرف الجماعي، فكان لكل أحد مثلًا أن يعتق عبدًا أو أمة في ملك غيره نيابة عن المجتمع المأذون له بالتصرف الجماعي ككيان متميز.
على حين أن توجيه الخطاب إلى المخاطبين جمعًا على أساس الوحدة النوعية للإنسان في مجتمع له كيان متميز في قوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} يتسق اتساقًا كاملًا مع اعتبار شراكة الإنسان عامة والمجتمع الإسلامي خاصة في ملكية المنفعة والانتفاع بالمال وفي تحمل جميع التبعات والمسؤوليات المترتبة على التصرف فيه، فكان طبيعيًا أن يتجه الخطاب إلى المخاطبين جمعًا، إيذانًا بأن أي اختلال في التصرف يحدث من فرد منهم لا يبرئ ساحة غيره من أفراد المجتمع إن كان تصرفًا غير سليم ما قدروا على منعه أو تقويمه. فالنهي موجه إلى المجتمع الإسلامي أفرادًا ومجتمعًا توجيهًا متساويًا لا سبيل إلى ترجيح الاعتبار الفردي على الاعتبار الاجتماعي، ولا إلى ترجيح الاعتبار الاجتماعي على الاعتبار الفردي، وهذا غاية ما يسمح به المجال في هذا الشأن.

[1] الآية (25) سورة النساء.
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست