responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1034
مهما يكن، فإن ملاك الأمر في تقديرنا ليس هو النسخ أو تأويل النهي بمجرد الإرشاد والتوجيه، وإنما هو أمر أعمق من ذلك وأجدر بأن يكون الفيصل ذلك , بأن بني حارثة رهط رافع كانوا أهل زرع ومزارعة قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وربما بأجيال، ويصرح رافع في بعض طرق حديثه ما يفيد أنهم كانوا يمارسون نمطًا من الاستحواذ على الأرض الزراعية واستغلالها بما لهم من خبرة في الزراعة، وربما من طاقة مالية أيضًا.
وحين هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من قبله ومن بعده مهاجرون من مكة وغيرها , ولم يكونوا يملكون شيئًا , كان أول حل اقتصادي واجتماعي لمشكلة المهاجرين شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤاخاة بينهم وبين الأنصار , وبلغ من كرم الأنصار في الفترة الأولى من الهجرة أنهم لم يكتفوا بمقاسمة إخوانهم المهاجرين - إلا من استغنى منهم بخبرته وآثر أن يعتمد عليها في إقامة وضع اقتصادي له مثل عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - ما يملكون من عقار وأموال، بل عرض بعض الأنصار على إخوته المهاجرين أن يختاروا من شاؤوا من زوجات أولئك الأنصار ممن كانت له أكثر من واحدة ليطلقها، فإذا استكملت عدتها تزوجها المهاجر.
ثم ذهب بعضهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - وأحسب هذا في فترة لاحقة وقد تكاثر المهاجرون وارتفع حكم المؤاخاة - يسألونه أن يقسم بينهم وبين إخوانهم المهاجرين ما يملكون من نخل، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ذلك، فاتفق الأنصار والمهاجرون على أن يعملوا في نخيلهم , ويكون لهم الشطر من نتاجها كل عام.
لكن الهجرة استمرت ثماني سنوات، كما اتسعت الأرض التي أصبحت ملكًا للمسلمين بعد إجلاء يهود القرى المحيطة بالمدينة مثل بني النضير وبني قريظة، فنشأ وضع اقتصادي أدنى إلى الاستقرار واتساع النماء تطورت معه مواجد الناس ورغباتهم كما وجدت طبقة المهاجرين لم يشملها شرع المؤاخاة الذي انتهى العمل به بانتهاء ظرفه، ولم تصب من مغانم الحرب ما يلحقها بالطبقة المستقرة اقتصاديا، فقد كانت الهجرة في تلك السنوات الثمانية أوسع نطاقًا بأوفر عدد يمكن أن يوازيه التطور الاقتصادي الناشئ عن مغانم الحرب، إذ لم يكن آنئذ عامل تطور اقتصادي غيرها , فهي قد استأثرت بجهود المسلمين واهتمامهم لما تثيره قريش وحلفاؤها والأعراب من نواحي الجزيرة ويهود من حول المدينة من ألوان الاستفزازات والمحالفات والغدر وما إلى ذلك مما ليس من شأنه أن يهيئ فرصة استقرار ينتج عنه تطور اقتصادي سلمي، إلا ما كان من استمرار الظروف المستقرة السابقة للإسلام لدى بعض قبائل الأنصار مثل بني حارثة الذي كانت الزراعة وامتلاك الأرض أساسًا لوضع استقراري مكين يتمتعون به ويركنون إليه، فكان لا مناص من تشريع خليق بأن يحدث نمطًا من تكافؤ الفرص، ينشأ عنه الوضع الضروري للحفاظ على التكافل الاجتماعي في المدينة القائم على أساس من ضمان العيش الكريم بجميع أفراد المجتمع.

نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1034
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست