نام کتاب : أبحاث هيئة كبار العلماء نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 406
وقد أجاب ابن القيم رحمه الله عن فعل عمر رضي الله عنه، وكذلك عن فتاوى الصحابة في ذلك: فقال [1] : ولكن رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن الناس قد استهانوا بأمر الطلاق، وكثر منهم إيقاعه جملة واحدة، فرأى من المصلحة عقوبتهم بإمضائه عليهم؛ ليعلموا أن أحدهم إذا أوقعه جملة بانت منه المرأة وحرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، نكاح رغبة يراد للدوام لا نكاح تحليل فإنه كان من أشد الناس فيه، فإذا علموا ذلك كفوا عن الطلاق، فرأى عمر أن هذا مصلحة لهم في زمانه، ورأى أن ما كان عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصديق وصدر من خلافته كان الأليق بهم؛ لأنهم لم يتتابعوا فيه، وكانوا يتقون الله في الطلاق، وقد جعل الله لكل من اتقاه مخرجا، فلما تركوا تقوى الله وتلاعبوا بكتاب الله، وطلقوا على غير ما شرعه الله - ألزمهم بما التزموه عقوبة لهم، فإن الله تعالى إنما شرع الطلاق مرة بعد مرة، ولم يشرعه كله مرة واحدة، فمن جمع الثلاث في مرة واحدة فقد تعدى حدود الله وظلم نفسه ولعب بكتاب الله فهو حقيق أن يعاقب، ويلزم بما التزمه ولا يقر على رخصة الله وسعته، وقد صعبها على نفسه ولم يتق الله ويطلق كما أمره الله وشرعه له، بل استعجل فيما جعل الله له الأناة فيه؛ رحمة منه وإحسانا ولبس على نفسه واختار الأغلظ والأشد. فهذا مما تغيرت به الفتوى لتغير الزمان.
وعلم الصحابة رضي الله عنهم حسن سياسة عمر رضي الله عنه وتأديبه لرعيته في ذلك، فوافقوه على ما ألزم به وصرحوا لمن استفتاهم بذلك. [1] [إعلام الموقعين] (3\ 29- 31) .
نام کتاب : أبحاث هيئة كبار العلماء نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 406