responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم نویسنده : أحمد إبراهيم الشريف    جلد : 1  صفحه : 382
وبلغ الجدل بين المسلمين واليهود حدًّا كان يصل أحيانًا إلى الاعتداء بالأيدي، وحسبك لتقدر هذا أن تعلم أن أبا بكر، على ما عرف عنه من دماثة الخلق ولين الطبع وطول الأناة، تحدث إلى يهودي يدعى: فنحاص، يدعوه إلى الإسلام، فرد فنحاص بقوله: "والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء وما هو عنا بغني، ولو كان غنيًّا عنا ما استقرضنا أموالنا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطيناه ولو كان غنيًّا ما أعطانا الربا".
وفنحاص يشير هنا إلى قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245] ولم يطِق أبوبكر صبرًا على هذا الجواب فغضب وضرب وجه فنحاص ضربًا شديدًا، وقال: "والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت رأسك أي عدو الله". وشكا فنحاص أمره إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنكر ما قاله لأبي بكر فنزل قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [آل عمران] [1].
ولم يكتف اليهود بالوقيعة بين المهاجرين والأنصار وبين الأوس والخزرج، ولم يكفهم فتنة الناس عن دينهم ومحاولة ردهم إلى الشرك دون تهويدهم، وصدهم من يريد الإسلام من المشركين، بل حاولوا فتنة النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه؛ ذلك أن أحبارهم وأشرافهم وسادتهم ذهبوا إليه وقالوا: "يا محمد، إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وسادتهم وإنا إن اتبعناك اتبعتك يهود ولم يخالفونا وإن بيننا وبين بعض قومنا خصومة؛ أفنحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم ونؤمن بك ونصدقك؟ " فأبي ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله فيهم: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ، أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة] [2].
ثم أخذوا في أسئلة منكرة، عن الساعة ومتى ميعادها؟ وعن وحدانية الله أهي حقيقة؟ وإذا كان الله قد خلق الخلق فمن خلق الله. ومن هذه الأسئلة التي يقصد بها التشكيك والتضليل بقصد الفتنة والبلبلة[3].

[1] ابن هشام 2/ 187.
[2] ابن هشام 2/ 196، 197. المائدة 49، 50.
[3] ابن هشام 2/ 198- 202.
نام کتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم نویسنده : أحمد إبراهيم الشريف    جلد : 1  صفحه : 382
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست