responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم نویسنده : أحمد إبراهيم الشريف    جلد : 1  صفحه : 351
لها قريش العدة قبل أن تخمد نارها في الصدور، فما كادت ترجع حتى اجتمع رجالها في دار الندوة فاتفقوا على التنازل عن أرباح قافلة أبي سفيان، ووقفها على إعداد جيش قوي لغزو محمد والثأر منه، وقد قدر هذا الربح بخمسين ألف دينار وهذا مبلغ كبير في تلك الأيام[1]. ثم إنها أخذت تعد أحابيشها وتتصل بحلفائها، كما تتصل بيهود المدينة ممن امتلأت نفوسهم حقدًا على محمد وامتلأت قلوبهم خوفًا من علو أمره.
أما أثر بدر في المدينة؛ فقد كان أوضح وأكثر اتصالًا بحياة محمد والمسلمين معه، فقد شعر اليهود والمشركون والمنافقون بعد بدر بمزيد قوة المسلمين، ورأوا هذا الرجل الذي جاءهم فارًّا من مكة منذ عامين يزداد سلطانه ويكاد يكون صاحب الكلمة في أهل المدينة جميعًا. وكان اليهود قد بدأ تذمرهم من قبل بدر وبدأت مناوشتهم للمسلمين، ولم يحل دون انفجار العداوة بين الطرفين إلا عهد الموادعة الذي كان بين الفريقين. على أنه ما كان المسلمون يعودون منتصرين من بدر حتى جعلت طوائف المدينة الأخرى تتغامز وتأتمر، وحتى أخذت تغري بهم وترسل الأشعار في شتمهم والتحريض عليهم. وهكذا انتقل ميدان الثورة من مكة إلى المدينة؛ غير أنه لم تعد هنا دعوة محمد هي وحدها التي تحارب؛ وإنما هو سلطانه ونفوذ كلمته وعلو أمره الذي أصبح موضع الخوف وسبب الائتمار به والتفكير في اغتياله، وما كان محمد لتخفى عليه خافية من هذا كله، وجعلت النفوس من جانب المسلمين ومن جانب اليهود تمتلئ بالغل والضغينة شيئًا فشيئًا، وجعل كل فريق يتربص بالآخر.
وكان المسلمون إلى يوم بدر يخشون مواطنيهم من أهل المدينة، فلا يستطيعون رد الاعتداء بالشدة على من يعتدي عليه منهم، فلما عادوا منتصرين امتلأت نفوسهم بالجرأة، ووجدوا أن مصلحتهم تقتضيهم رد العدوان وتأديب المعتدين، وإلقاء الرعب في قلوب من تحدثهم أنفسهم بإفساد أمور الدولة الإسلامية الناشئة في يثرب، فقتلوا بعض رجال من اليهود كانوا يحرضون على الدولة ويتصلون بالعدو[2]، وكذلك استطاعوا أن يخرجوا إحدى قبائل اليهود من المدينة وهم بنو قينقاع عندما تحدت المسلمين وأظهرت العداء[3]، وكانت هذه القبيلة اليهودية تساكن المسلمين بداخل المدينة، وكان وجودها يشكل خطرًا على كيان المدينة لو هددت بهجوم خارجي وحدثتهم نفوسهم الخيانة،

[1] الواقدي 157، ابن هشام 3/ 4.
[2] ابن هشام 2/ 440، 441، الواقدي 144- 151.
[3] نفسه 426- 429، الواقدي: 13- 141.
نام کتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم نویسنده : أحمد إبراهيم الشريف    جلد : 1  صفحه : 351
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست