responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم نویسنده : أحمد إبراهيم الشريف    جلد : 1  صفحه : 349
وبهذه المشاورة وهذا التصريح من زعيم الأنصار اطمأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى موقفه وضمن اتحاد طرفي الصحيفة عن سياسة واحدة تجاه الأوضاع الخارجية أصبحت منذ ذلك اليوم تطبق تطبيقًا عمليًّا. ولم يعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك في حاجة إلى التفكير في موقف أهل المدينة تجاه سياسته الخارجية وتدعم بذلك مركز الدولة إلى حد كبير.
نشط المسلمون وتقدموا إلى وادي بدر، وهو وادٍ به آبار ومياه كان موسمًا للعرب، ومحطة تجارية تنزلها القوافل في ذهابها وعودتها إلى الشام، وكان المسلمون يتوقعون لقاء القافلة هناك. لكن الوضع ما لبث أن تغير، فقد عرف أبو سفيان خروج المسلمين ونزولهم على ماء بدر، فساحل بقافلته وأفلت[1]. وأصبح المسلمون وهم ينتظرون قدوم القافلة، فإذا الأخبار تصلهم أنها فاتتهم، وأن الذين على مقربة منهم هم مقاتلة قريش. فلم تعد الغنيمة إذن هي التي تنتظرهم وإنما هو القتال، والقتال الشديد غير المتكافئ، فقريش قد جاءت بعدتها وعتادها في ثلاثة أضعافهم من الرجال وما يفوقهم خمسين ضعفًا من الخيل[2]؛ ولذلك كان على المسلمين أن يوطنوا أنفسهم على الشدة وأن ينتظروا موقعة حامية الوطيس لا يكون النصر فيها إلا لمن ملأ الإيمان بالنصر قلبه، إلا أن بعض المسلمين قد تخوف القتال بعد أن ذهب الأمل في الغنيمة، فبدأ يجادل النبي -صلى الله عليه وسلم- كي يعودوا إلى المدينة، ولا ضرورة للقاء مقاتلة قريش وهي أكثر منهم عدة وعددًا، وهذا البعض لم يدرك بطبيعة الحال معنى الدفاع عن الحدود؛ وإنما كانت نظرته سطحية قبلية؛ ولذلك نزل القرآن يوضح المسألة ويثبت المسلمين {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ، لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال] . وبذلك قضى على التردد واستعاد المسلمون روحهم المعنوية، ووضحت لديهم أغراض القتال.
وقريش هي الأخرى ما حاجتها إلى القتال وقد نجت تجارتها؟ أليس خيرًا لها أن تترك المسلمين يرجعون من رحلتهم بخفي حنين؟ هكذا فكر أبو سفيان وبذلك أرسل إلى قريش يطلب إليهم الرجوع، وهو يتخوف على قومه من لقاء المسلمين، ويشاركه في هذا التخوف كثير من زعماء الجيش المكي، فلقد خرج سادات قريش جميعًا إلى القتال، فلو

[1] نفسه 257.
[2] الواقدي 26: "خرجوا بتِسْعمائة وخمسين مقاتلًا وقادوا مائة فرس بطرًا ورياء الناس".
نام کتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم نویسنده : أحمد إبراهيم الشريف    جلد : 1  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست