responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم نویسنده : أحمد إبراهيم الشريف    جلد : 1  صفحه : 337
ومن يدخل في الإسلام من الأعراب ويهاجر ليقيم بالمدينة ما يزيد العرب بها قوة ويزيد اليهود بها ضعفًا، ويقضي على كل حلم يراود نفوسهم في استعادة مركزهم أو حتى الاحتفاظ بهذا المركز.
ثم إن المهاجرين المكيين ما لبثوا أن اقتحموا الميدان الاقتصادي والتجاري منه بنوع خاص، ولهم من الخبرة بشئون التجارة ما تضاءلت معها خبرة اليهود، وليس أبرع من تاجر قرشي في ذلك الوقت، فما لبثوا أن نظموا سوق المدينة وأجروا فيها التعامل على أسس جديدة جاء بها الإسلام، فلا ربًا ولا إرهاقًا ولا طرقًا ملتوية تذهب بأموال الناس، وبذلك نجحوا نجاحًا كبيرًا وجنوا أرباحًا لا بأس بها، وسيطروا -أو كادوا- على سوق المدينة. والمال وجمعه عنصر حساس عند اليهود يبيحون لأنفسهم في سبيله ما لا يباح من دين أو شرف؛ لذلك ما لبثوا أن تنكروا لعهودهم وأخلفوا مواثيقهم، وسعوا إلى تحطيم هذا الوضع الجديد في الداخل والخارج. فأما في الداخل فقد عملوا على إثارة الفتن والأحقاد القديمة بين الأوس والخزرج[1]. ثم قاموا يجادلون ويشككون في الدين الجديد، ويصدون عنه من يريد الدخول فيه[2]. بل تطرقوا إلى المساس بالأشخاص والأغراض فأخذوا ينشرون قالة السوء، وانبري شعراؤهم ينظمون الشعر في هجاء محمد والمسلمين والتحريض على حربهم، ويشببون بنساء الأنصار[3]، بل ائتمروا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه يريدون قتله[4]. وأما في الخارج فقد اتصلوا بأعداء الدولة وكانوا عيونًا لهم على المسلمين[5] ثم تآمروا مع العدو وخانوا الدولة، وأوشكت مؤامراتهم وخيانتهم أن تقضي على المدينة قضاء تامًّا في غزوة الأحزاب[6].
ولقد عالج النبي -صلى الله عليه وسلم- موقف اليهود في براعة وقدرة، وتغلب على حساسية الموقف التي كانت قائمة بمحالفة اليهود مع بعض بطون الأوس والخزرج، وكانت هذه المحالفات لا يزال لها أثر في هذه البطون؛ فكان لا بد أن يعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- حسابًا لشعورها، فترى النبي -صلى الله عليه وسلم- يصانع اليهود مرة، ويجادلهم أخرى، ويصبر عليهم حتى تحين فرصة فيقلم أظفارهم، ثم يرى نفسه مضطرًّا آخر الأمر إلى التخلص منهم نهائيًّا.

[1] ابن هشام 2/ 183، 184.
[2] نفسه 2/ 135، 170- 201.
[3] نفسه 3/ 43- 436.
[4] نفسه 2/ 191.
[5] ابن هشام 2/ 423، 424.
[6] نفسه 3/ 229-230، 237.
نام کتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم نویسنده : أحمد إبراهيم الشريف    جلد : 1  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست