responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم نویسنده : أحمد إبراهيم الشريف    جلد : 1  صفحه : 265
بالاستقرار الذي فرضته عليه الحياة الزراعية وحتى اليهود الذين كانوا قد وصلوا في وطنهم الأصلي إلى درجة من المدنية وانمحى من بينهم نظام القبائل وانصهروا في أمة واحدة، لم يلبثوا في المدينة أن زالت منهم هذه الصفات وتغلبت عليهم العقلية البدوية، حتى صارت صاحبة السلطان على أفكارهم ونفسياتهم[1]، ومع ذلك فإن الروابط القبلية بما فيها من لحمة النسب والدم، فشلت في أن تقيم مجتمعًا أكبر من مجتمعات البطون، فانقسمت يثرب إلى عدة دوائر زراعية، وكل دائرة كانت تابعة لبطن من البطون. وكان كل بطن من البطون الكبيرة يضم طائفة من البطون الصغيرة تعد موالية، يشرف على مزارعها ومتاجرها ويرعى حقوقها، وإذا وقعت إغارة عدها واقعة على رعاياه فطلب بالثأر أو دفع الدية[2]. وكان البطن الصغير يلجأ إلى آطام البطن الكبير إذا هاجمهم عدو، وهو مضطر للدخول في الحرب إلى جانب البطن الكبير. ومع ذلك فقد حافظت البطون الصغيرة على شخصيتها ولم تسمح البطون الكبيرة أن تحد من حريتها، وكان من نتيجة ذلك أن تجنبت البطون الكبيرة كل ما من شأنه أن يهيج البطون الصغيرة[3].
ومن ثم فقد أصبح هناك شبه توازن في نظام الحكم بين البطون الكبيرة يثرب، فكانت البطون تثور إذا ما هم بطن كبير بالاستئثار بالنفوذ[4]، ومع ذلك فقد كانت بطون القبيلة تترابط إذا هددها هجوم عام تجمعت له بطون قبيلة أخرى، لكن كان يحدث في كثير من الأحيان أن ترى بعض البطون مصلحتها في أن تهادن الفريق الآخر، فتخرج على الإجماع وتقف على الحياد[5].
وقد حكم العلاقات بين السكان في يثرب عاملان: عامل الروابط القبلية، وعامل الحياة الاقتصادية، وقد امتزج العاملان معًا بحكم الضرورة، ولكن العامل الاقتصادي كان أقوى وأظهر في توجيه هذه العلاقات

[1] ولفنسون ص12، 15.
[2] السمهودي 1/ 152- 153، ابن الأثير 3/ 402- 418.
[3] السمهودي 1/ 136، 137، 146- 147.
[4] ولفنسون 118.
[5] ابن الأثير 1/ 415، 417، 418، السمهودي 1/ 153- 154.
نام کتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم نویسنده : أحمد إبراهيم الشريف    جلد : 1  صفحه : 265
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست