فأذن له فأتاهم فقال: "تمسكوا بمكانكم والله لنحن أذل من العبيد، وأقسم بالله لو حدث به[1] حدث لتملكن العرب عزا ومنعة فتمسكوا بحصنكم وإياكم أن تعطوا بأيديكم، ولا يتكاثرن عليكم قطع هذه الشجر، ثم رجع فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا قلت لهم؟ قال: قلت لهم وأمرتهم بالإسلام ودعوتهم إليه وحذرتهم النار ودللتهم على الجنة. قال: "كذبت بل قلت لهم كذا وكذا. فقال: صدقت يا رسول الله أتوب إلى الله وإليك من ذلك" [2]..
والحديث أخرجه أبو نعيم وفي كليهما محمد[3] بن عمرو بن خالد الحراني أبو علاثة.
وأخرجه الواقدي ولفظه: وقال عيينة: "يا رسول الله، ائذن لي حتى آتي حصن الطائف فأكلمهم، فأذن له، فجاءه فقال: أدنو منكم وأنا آمن؟ قالوا: نعم، وعرفه أبو محجن[4] فقال: إذن فدنا فقال: ادخل فدخل عليهم الحصن، فقال فداؤكم أبي وأمي! والله لقد سرني ما رأيت منكم والله لو أن في العرب أحدا غيركم! والله ما لاقى محمد مثلكم قط، ولقد مل المقام، فاثبتوا في حصنكم، فإن حصنكم حصين، وسلاحكم كثير، وماءكم واتن[5] لا تخافون قطعه! قال: فلما خرج قالت ثقيف لأبي محجن فإنا كرهنا دخوله، وخشينا أن يخبر محمدا بخلل إن رآه في حصننا، وقال أبو محجن: أنا كنت أعرف له، ليس منا أحد أشد على محمد منه وإن كان معه، فلما رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ما قلت لهم؟ [1] الضمير في (به) يرجع لرسول الله صلى الله عليه وسلم. [2] البيهقي: دلائل النبوة 3/48 أ- ب وأبو نعيم: دلائل النبوة ص 464 وابن كثير: البداية والنهاية 4/348-349 والسيوطي: الخصائص الكبرى 2/97، وانظر حديث (132) . [3] لم أجد ترجمته وهو من شيوخ الطبراني وانظر المعجم الصغير للطبراني 2/39. [4] أبو محجن الثقفي الشاعر مختلف في اسمه له صحبة، وهو الذي سجنه سعد بن أبي وقاص من أجل شربه الخمر وكان ذلك يوم القادسية، ولما دارت المعركة رحاها استأذن أبو محجن من زوجة سعد بن أبي وقاص أن تفكه من السجن وتعطيه فرس سعد وأعطاها العهد أن يعود من المعركة فقاتل قتال الأبطال وعاد إلى سجنه فعفا عنه سعد وتاب من شرب المسكرات (الإصابة 4/173-176) . [5] الواتن: الشيء الثابت الدائم في مكانه، والماء المعين الدائم (القاموس المحيط4/274) .