فأخرجتْ إلي جراباً[1] فيه صاع من شعير ولنا بهيمة داجن[2] فذبحتها وطحنتِ الشعير ففرغتْ إلى فراغي وقطعتها في برمتها ثم وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه". فجئته فساررته فقلت: "يارسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعاً من شعير كان عندنا فتعال أنت ونفر معك".
فصاح النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أهل الخندق إن جابراً قد صنع سؤراً[3] فحي هلا بكم فقال صلى الله عليه وسلم لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجئ فجئتُ وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس حتى جئتُ امرأتي فقالت بك وبك[4] فقلتُ قد فعلتُ الذي قلتِ فأخرجت له عجيناً فبصق فيه وبارك [1] الجراب والجريب مكيال قدر أربعة اقفزة. القاموس 1/45. [2] داجن أي سمينة وهي التي تترك في البيت ولا تفلت للمرعى ومن شأنها أن تسمن. النهاية 2/102. [3] سؤرا: أي طعاماً يدعو إليه الناس. واللفظة فارسية (وهي بالسين وليست بالصاد كما في بعض المصادر) النهاية في غريب الحديث 2/420. [4] هذه خصومة تحصل في مثل هذه الحال خوفاً من الفضيحة لقلة الأكل وكثرة الأضياف. قال الحافظ وجاء في رواية يونس: أنه قال فلقيت من الحياء مالا يعلمه إلا الله عز وجل وقلت جاء الخلق على صاع من شعير وعناق فدخلت على امرأتي أقول افتضحت جاءك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق أجمعين فقالت هل كان سألك كم طعامك فقلت: نعم! فقالت: الله ورسوله أعلم ونحن قد أخبرناه بما عندنا فكشفت عني غماً شديداً. فتح الباري 7/398.