responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر زاد المعاد نویسنده : محمد بن عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 51
لِلْأُمَّةِ حَبْسُ اللِّسَانِ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا فُضُولُ الْمَنَامِ، فَإِنَّهُ شُرِعَ لَهُمْ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ مَا هُوَ مِنْ أَفْضَلِ السَّهَرِ وَأَحْمَدِهِ عَاقِبَةً، وَهُوَ السَّهَرُ الْمُتَوَسِّطُ الَّذِي يَنْفَعُ الْقَلْبَ وَالْبَدَنَ، وَلَا يَعُوقُ العبد عن مصلحته، وَمَدَارُ رِيَاضَةِ أَرْبَابِ الرِّيَاضَاتِ وَالسُّلُوكِ عَلَى هَذِهِ الْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَسْعَدُهُمْ بِهَا مَنْ سَلَكَ فِيهَا المنهاج المحمدي، فلم يَنْحَرِفِ انْحِرَافَ الْغَالِينَ، وَلَا قَصَّرَ تَقْصِيرَ الْمُفَرِّطِينَ، وقد ذكرنا هديه فِي صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ وَكَلَامِهِ، فَلْنَذْكُرْ هَدْيَهُ فِي اعْتِكَافِهِ.
«كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ» [1] حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَرَكَهُ مَرَّةً فَقَضَاهُ فِي شَوَّالٍ، وَاعْتَكَفَ مَرَّةً فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ الْأَوْسَطِ، ثم العشر الأواخر يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا في العشر الأواخر، فداوم على الاعتكاف حَتَّى لَحِقَ بِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَانَ يَأْمُرُ بِخِبَاءٍ، فَيُضْرَبُ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ يَخْلُو فِيهِ لربه عَزَّ وَجَلَّ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ الِاعْتِكَافَ صَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ دَخَلَهُ، فَأَمَرَ بِهِ مَرَّةً، فَضُرِبَ له، فَأَمَرَ أَزْوَاجُهُ بِأَخْبِيَتِهِنَّ فَضُرِبَتْ، فَلَمَّا صَلَّى الْفَجْرَ، نظر فرأى تلك الأخبية، فأمر بخبائه ففوض، وترك الاعتكاف في رمضان حتى اعتكف الْعَشْرِ الْأَوَّلِ مِنْ شَوَّالٍ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ سنة عشرة أيام، «فلما كان الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا» [2] وَكَانَ يُعَارِضُهُ جِبْرِيلُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْعَامُ عَارَضَهُ بِهِ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ أَيْضًا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ عَلَيْهِ تِلْكَ السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ إِذَا اعْتَكَفَ دَخَلَ قُبَّتَهُ وَحْدَهُ، وَكَانَ لا يدخل بيته إلا لحاجة الإنسان، ويخرج رأسه إلى بيت عائشة فترجله وهي حائض، وكان بَعْضُ أَزْوَاجِهِ تَزُورُهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَإِذَا قَامَتْ تَذْهَبُ، قَامَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا، وَكَانَ ذَلِكَ لَيْلًا، ولم يكن يُبَاشِرِ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ لَا بِقُبْلَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَكَانَ إِذَا اعْتَكَفَ طُرِحَ له فراشه وسريره فِي مُعْتَكَفِهِ.
وَكَانَ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، مَرَّ بالمريض وهو في طريقه، فلا يعرج عليه إلا أن يَسْأَلْ عَنْهُ، وَاعْتَكَفَ مَرَّةً فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ، وجعل على سدتها حصيرا، كل هذا تحصيل لمقصود

[1] متفق عليه.
[2] رواه البخاري.
نام کتاب : مختصر زاد المعاد نویسنده : محمد بن عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست