responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر زاد المعاد نویسنده : محمد بن عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 121
بإقامة البينة، فلو يعطى الناس بدعواهم، لادعى الخلي حرقة الشَّجِيِّ، فَتَنَوَّعَ الْمُدَّعُونَ فِي الشُّهُودِ، فَقِيلَ: لَا نثبت هذه الدعوة إِلَّا بِبَيِّنَةٍ {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آلِ عِمْرَانَ: 31] [1] فَتَأَخَّرَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ، وَثَبَتَ أَتْبَاعُ الرسول في أفعاله وأقواله، وهديه وأخلاقه، وطولبوا بعدالة البينة، فقيل: لَا تُقْبَلُ الْعَدَالَةُ إِلَّا بِتَزْكِيَةٍ {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: 54] [2] فَتَأَخَّرَ أَكْثَرُ الْمُدَّعِينَ لِلْمَحَبَّةِ، وَقَامَ الْمُجَاهِدُونَ، فَقِيلَ لَهُمْ: إِنَّ نُفُوسَ الْمُحِبِّينَ وَأَمْوَالَهُمْ لَيْسَتْ لَهُمْ، فسلموا ما وقع عليه العقد، وَعَقْدُ التَّبَايُعِ يُوجِبُ التَّسْلِيمَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ.
فَلَمَّا رَأَى التُّجَّارُ عَظَمَةَ الْمُشْتَرِي، وَقَدْرَ الثَّمَنِ، وَجَلَالَةَ من جرى العقد عَلَى يَدْيِهِ، وَمِقْدَارَ الْكِتَابِ الَّذِي أُثْبِتَ فِيهِ، عرفوا أن لهذه السلعة شأنا ليس لغيرها، فرأوا من الغبن الْفَاحِشِ أَنْ يَبِيعُوهَا بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ، تذهب لذتها، وتبقى تبعتها، فعقدوا مع المشتري بيعة الرضوان رضا واختيارا من غير ثبوت خيار، فلما تم العقد وسلموا المبيع، قيل: قد صارت نفوسكم وأموالكم لنا، والآن قد رَدَدْنَاهَا عَلَيْكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ، وَأَضْعَافَ أَمْوَالِكُمْ مَعَهَا {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169] [3] الآية لم نتبع مِنْكُمْ نُفُوسَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ طَلَبًا لِلرِّبْحِ عَلَيْكُمْ، بَلْ ليظهر أثر الجود والكرم في قبول البيع وَالْإِعْطَاءِ عَلَيْهِ أَجَلَّ الْأَثْمَانِ، ثُمَّ جَمَعْنَا لَكُمْ بين الثمن والمثمن.
وتأمل قصة جابر وجمله كيف وفاه الثمن، وزاده، ورد عليه البعير، فذكره بهذا الفعل حال الله مع أبيه، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ اللَّهَ أَحْيَاهُ وَكَلَّمَهُ كِفَاحًا، وَقَالَ: «يا عبدي تمن علي أعطيك» فَسُبْحَانَ مَنْ عَظُمَ جُودُهُ وَكَرَمُهُ أَنْ يُحِيطَ به علم الخلائق، لقد أعطى السلعة وأعطى الثمن، ووفقه لتكميل العقد، وقبل المبيع على عيبه، وأعطى عَلَيْهِ أَجَلَّ الْأَثْمَانِ، وَاشْتَرَى عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِمَالِهِ، وَجَمَعَ لَهُ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ، وَأَثْنَى عليه، ومدحه بهذا العقد، وهو الذي وفقه له وشاءه منه:
فحيهل إن كنت ذا همة فقد ... حدى بك حادي الشوق فاطوي المراحلا

[1] سورة آل عمران، الآية: 31.
[2] سورة المائدة، الآية: 54.
[3] سورة آل عمران، الآية: 169.
نام کتاب : مختصر زاد المعاد نویسنده : محمد بن عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست