responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عيون الأثر نویسنده : ابن سيد الناس    جلد : 1  صفحه : 148
وَبَعَثَ اللَّهُ عَلَى صَحِيفَتِهِمُ الأَرَضَةَ [1] فَأَكَلَتْ وَلَحَسَتْ مَا فِي الصَّحِيفَةِ مِنْ مِيثَاقٍ وَعَهْدٍ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ فِي طُولِ مُدَّتِهِمْ فِي الشِّعْبِ، يَأْمُرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْتِي فِرَاشَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ حَتَّى يَرَاهُ مَنْ أَرَادَ بِهِ شَرًّا أَوْ غَائِلَةً، فَإِذَا نَامَ الناس أمر أحد بنيه أو إخوته أبو بَنِي عَمِّهِ فَاضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ بَعْضَ فُرُشِهِمْ فَيَرْقُدُ عَلَيْهَا، فَلَمْ يَزَالُوا فِي الشِّعْبِ عَلَى ذَلِكَ إِلَى تَمَامِ ثَلاثِ سِنِينَ، وَلَمْ تَتْرُكِ الأَرَضَةُ فِي الصَّحِيفَةِ اسْمًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا لَحَسَتْهُ، وَبَقِيَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ شِرْكٍ أَوْ ظُلْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، فأطلع الله ورسوله عَلَى ذَلِكَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: لا وَالثَّوَاقِبِ مَا كَذَبْتَنِي، فَانْطَلَقَ فِي عِصَابَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَوُا الْمَسْجِدَ وَهُمْ خَائِفُونَ لِقُرَيْشٍ، فَلَمَّا رَأَتْهُمْ قُرَيْشٌ فِي جَمَاعَةٍ أَنْكَرُوا ذَلِكَ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ شِدَّةِ الْبَلاءِ لِيُسَلِّمُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرُمَّتِهِ إِلَى قُرَيْشٍ، فَتَكَلَّمَ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ: قَدْ جَرَتْ أُمُورٌ بَيْنَنَا وبينكم نذكرها لكم فأتوا بِصَحِيفَتِكُمُ الَّتِي فِيهَا مَوَاثِيقُكُمْ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ صُلْحٌ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ أَبُو طَالِبٍ خَشْيَةَ أَنْ يَنْظُرُوا فِي الصَّحِيفَةِ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا بِهَا، فَأَتَوْا بِصَحِيفَتِهِمْ مُعْجِبِينَ، لا يَشُكُّونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْفَعُ إِلَيْهِمْ، فَوَضَعُوهَا بَيْنَهُمْ وَقَالُوا لأَبِي طَالِبٍ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا عَمَّا أَحْدَثْتُمْ عَلَيْنَا وَعَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: إِنَّمَا أَتَيْتُكُمْ فِي أَمْرٍ هُوَ نِصْفٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، إِنَّ ابْنَ أَخِي أَخْبَرَنِي وَلَمْ يَكْذِبْنِي، أَنَّ هَذِهِ الصَّحِيفَةَ الَّتِي فِي أَيْدِيكُمْ قَدْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهَا دَابَّةً فَلَمْ تَتْرُكْ فِيهَا اسْمًا لَهُ إِلَّا لَحَسَتْهُ، وَتَرَكَتْ فِيهَا غَدْرُكُمْ وَتَظَاهُرُكُمْ عَلَيْنَا بِالظُّلْمِ، فَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ كَمَا يَقُولُ فَأَفِيقُوا فَلا وَاللَّهِ لا نُسَلِّمُهُ حَتَّى نَمُوتَ مِنْ عِنْدِ آخِرِنَا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَقُولُ بَاطِلا دَفَعْنَا إِلَيْكُمْ صَاحِبَنَا فَقَتَلْتُمْ أَوِ اسْتَحْيَيْتُمْ، فَقَالُوا: قَدْ رَضِينَا بِالَّذِي تَقُولُ، فَفَتَحُوا الصَّحِيفَةَ فَوَجَدُوا الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَ بِخَبَرِهَا قَبْلَ أَنْ تُفْتَحَ، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ صِدْقَ مَا جَاءَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: هَذَا سِحْرُ ابْنِ أَخِيكَ، وَزَادَهُمْ ذَلِكَ بَغْيًا وَعُدْوَانًا.
وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَذَكَرَ بعض أهل العلم أن رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَبِي طَالِبٍ: «يَا عَمِّ: إِنَّ رَبِي قَدْ سَلَّطَ الأَرَضَةَ عَلَى صَحِيفَةِ قُرَيْشٍ، فَلَمْ تَدَعْ فِيهَا اسْمًا لِلَّهِ إِلَّا أَثْبَتَتْهُ وَنَفَتْ مِنْهَا الْقَطِيعَةَ وَالظُّلْمَ وَالْبُهْتَانَ» ، قَالَ: أَرَبُّكَ أَخْبَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ:

[ (1) ] الأرضة: دويبة بيضاء تأكل الخشب ونحوه.
نام کتاب : عيون الأثر نویسنده : ابن سيد الناس    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست