بالنصب على أنه مفعول تضمنت وفي نسخة بستة وجوه وكان الوجه أن يقول ستة أوجه إلا أنه أوقع جمع الكثرة في موضع جمع القلة توسعا إذ قد يكثر استعمال أحدهما في الآخر (الأوّل) أي الوجه الأول من الستة (القسم له) أي لأجله صلى الله تعالى عليه وسلم (عمّا أخبره به) أي في هذه السورة (من حاله) أي مما يدل على عظيم جماله وكريم كماله فمن بيان لما أقسم له على نفيه (بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) [الضُّحَى: 2] أي وربّ الضّحى) أي على حذف مضاف يكون هو المقسم به وذلك لأنه لا يقسم بمخلوق لأن فيه تعظيم غير الله تعالى ولذا قال صلى الله عليه وسلّم من حلف بغير الله فقد أشرك والأظهر أن النهي في ذلك بالنسبة إلى المخلوق وأما الخالق سبحانه وتعالى فيقسم بما شاء من خلقه تشريفا له وتعظيما لشأنه، (وهذا) أي القسم له على ذلك (من أعظم درجات المبرّة) بفتحات وتشديد الراء من البر بمعنى الخير (الثّانيّ) أي من الستة (بيان مكانته عنده) تقدم بيانه (وحظوته لديه) بكسر أوله ويضم على ما في الصحاح والقاموس وبسكون الظاء المعجمة بمعنى المنزلة والفضيلة والمحبة وقيل الحاء مثلثة لأن كل اسم على فعلة ولامه واو بعدها هاء التأنيث فإنه مثلث الفاء وأصله من حظيت المرأة عند زوجها إذا كانت ذات حظ ونصيب منه وفي المثل أن لا حظية فلا الية يقول إن احظأتك الحظوة فلا تأل أن تتودد إلى الناس لعلك تدرك بعض ما تريد ذكره الجوهري (بقوله) متعلق بقوله بيان مكانته (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ) بتشديد الدال وتخفف (وَما قَلى [الضحى: 3] ) حذف مفعول قلى لظهوره أو اكتفاء بسبق ذكره مع كونه مراعاة للفاصلة (أي ما تركك) تفسير لودعك (وما أبغضك) تفسير لما قلى على طريق اللف والنشر المرتب والمعنى ما قطعك قطع المودع إذ التوديع مبالغة في الودع أي الترك إذ من ودعك فقد بالغ في تركك وفي الحديث غير مودع ربي أي غير قاطع طاعته ولا مفارق لعبادته وقرأ عروة وابنه هشام ودعك مخففا مع استغناء أكثر العرب عنه بترك فلم ينطق به ماضيا لكن قد جاء في الحديث شر الناس من ودعه الناس اتقاء فحشه وفي الشعر أيضا كقوله:
وكان ما قدموا لأنفسهم ... أعظم نفعا من الذي ودعوا
ومن التشديد قوله:
ليت شعري من خليلي ما الذي ... رابه في الحب حتى ودعه
ثم قلي يائي وقيل واوي وعلى الأول يقال في مضارعه يقلي ويقلى بالياء والألف إلا أن الألف شاذ كما في أبى يأبى (وقيل ما أهملك) أي ما تركك هملا (بعد أن اصطفاك) أي كملا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا خلاك ولا قطعك منذ اصطفاك ورفعك (الثّالث) أي من الستة (قوله) أي عز قائلا (وَلَلْآخِرَةُ) أي والدار الآخرة (خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى [الضحى: 4] ) أي من الدنيا أو الحال الآخرة خير لك من الأولى إيماء إلى أنه دائما في الترقي