عند ربهم وهذا معنى نسخة هي محبتهم لنبيهم، (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) نسبة إلى خدرة بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة قبيلة (هي شفاعة نبيّهم محمّد صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ شَفِيعُ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ولعل التعبير بها عن القدم لاقدامه عليها وتقدمه على سائر أهلها (وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ: هِيَ سابقة رحمة أودعها في محمّد صلى الله تعالى عليه وسلم) يعني في أمته ببركة متابعته على وفق محبته ووجه الاختصاص مع أن الرحمة بكل أمة لاحقة على وفق سابقة لأن سبق وجوده وأثر كرمه وجوده وظهور نوره ونشر سروره مما لا يلحقه أحد من أخوانه كما أشار إليه بقوله كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد ثم قوله أودعها بصيغة الفاعل وهي نسخة المصنف وفي نسخة العوفي على بناء المفعول وجعله التلمساني مضارعا وهو مستقيم بإسناد الفعل إليه سبحانه وتعالى وأما قوله ويتجه إذا سقط في من الكلام ومحمد مرفوع إذ هو النائب عن الفاعل وهو الله سبحانه وتعالى فكلام ساقط الاعتبار كما لا يخفى على المعربين الأخيار، (وقال محمّد بن عليّ التّرمذيّ) هو من كبار المشايخ له تصانيف في علوم القوم ومن تأليفه نوادر الأصول في الحديث بأسانيده وهو أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن بشر الزاهد المؤذن روى عن أبيه وقتيبة بن سعيد وغيرهما واعتنى بهذا الشأن ورحل فيه وروى عنه يحيى بن منصور وخلق كثير من علماء نيسابور فإنه قدمها سنة خمس وثمانين ومائتين وعاش نحوا من ثمانين سنة وهو معظم جليل علما وعملا واعتقادا عند أكابر ما وراء النهر من العلماء والسادة الصوفية لا سيما الطائفة السادة النقشبندية وتكلم على اعتقاده أبو العباس بن تيمية من أجل كتابه خاتم الولاية ولعله ما فهم مقصوده من الإشارات الخفية وقد سبق تحقيق الترمذي مبنى ومعنى ومنها أبو عيسى الحافظ الترمذي كما تقدم والله أعلم (هو) أي قدم صدق (إمام الصّادقين والصّدّيقين) بكسر الهمزة أي قدوتهم ومقتداهم أو بفتحها أي مقدمهم خلقة ورتبة وقدامهم في مقام الشفاعة كما أشار إليه بقوله (الشّفيع المطاع) أي المقبول الشفاعة ولعله عدل عن الشفيع المشفع للإيماء إلى قوله سبحانه وتعالى ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ يعني بخلاف المؤمنين فإنه لهم شفيع مطاع مع أن النفي في الآية منصب على القيد والمقيد جميعا (والسّائل المجاب) أي المستجاب في سؤاله الأعم من الشفاعة وبقية أحواله (محمّد صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَكَاهُ عَنْهُ السُّلَمِيُّ) .
الْفَصْلُ الثَّالِثُ [فيما ورد من خطابه تعالى إياه مورد الملاطفة والمبرة]
(فِيمَا وَرَدَ مِنْ خِطَابِهِ إِيَّاهُ مَوْرِدَ الْمُلَاطَفَةِ والمبرّة) أي في عتابه المنزل في كتابه والمورد بفتح الميم وكسر الراء محل ورود الكلام ومقصد المرام والمبرة بفتحتين وتشديد الراء بمعنى البر وهو الاتساع في الإحسان على ما في القاموس (فمن ذلك) أي من هذا القبيل (قوله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ) معاتبة على وجه الملاطفة (لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ [التوبة: 43] ) أي