وقصة شاة المقداد مختصة ما روي عنه أنه قال أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهب اسماعنا وأبصارنا من الجهد يعني الجوع فعرضنا أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فلم يقبلنا أحد فأتينا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فانطلق بنا إلى أهله فإذا ثلاث أعنز فقال احتلبوا هذا اللبن بيننا فكنا نحتلب فكان يشرب كل إنسان نصيبه ونرفع للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم نصيبه فيجيء من الليل فيشربه فوقع في نفسي ذات ليلة أي نبي الله يأتي الأنصار فيتحفونه ما به حاجة إلى هذه الجرعة فشربتها ثم ندمت على ما فعلت خشية أنه إذا جاء فلم يجده يدعو علي فأهلك وجعل لا يجيء النوم وأما صاحباي فناما فجاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كعادته وكشف عن نصيبه فلم يجد شيئا فرفع رأسه إلى السماء فقلت الآن يدعو علي فقال اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني قال فأخذت الشفرة وانطلقت إلى الاعنزايتها اسمن أذبحها له أذاهن حفل كلهن فعمدت إلى إناء فحلبت فيه حتى علته رغوة فجيئت به إليه فشرب ثم ناولني فلما عرفت أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قد روى وأصبت دعوته ضحكت حتى القيت على الأرض فقال أفدني سوءتك يا مقداد يعني أنك فعلت سوءة من الفعلات فما هي قال فقلت يا رسول الله كان من أمري كذا وكذا فقال صلى الله تعالى عليه وسلم ما هذا إلا رحمة من الله (ومن ذلك) أي من قبيل كراماته وزيادة بركاته كما رواه ابن سعد عن سالم بن أبي الجعد مرسلا (تزويده أصحابه سقاء) بكسر أوله أي وعاء (ماء بعد أن أوكاه) بألف بعد الكاف أي ربطه بالوكاء وهو خيط يشد به الوعاء (وَدَعَا فِيهِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُمُ الصَّلَاةُ نَزَلُوا فَحَلُّوهُ) بضم اللام المشددة أي ففتحوا السقاء بحل الوكاء (فإذا به) أي فيه وفي نسخة فإذا هو فاجأهم ذلك الماء في السقاء (لبن طيّب وزبدة) بتاء وحدة وفي أصل الدلجي زبده بالإضافة أي زبد اللبن (في فمه) وفي نسخة في فمه أي في فم السقاء (من رواية حماد بن سلمة) متعلق بقوله تزويده قال الحلبي هو الإمام أبو سلمة أحد الأعلام قال ابن معين إذا رأيت من يقع فيه فاتهمه على الإسلام وقد تقدم عليه الكلام (ومسح على رأس عمير بن سعيد) بضم عين وفتح ميم وفي نسخة عمر بن سعد كلاهما صحابي قال الحلبي وما أعرف من جرت له القصة منهما قلت ولا يبعد ثبوت القضية عنهما ففي كل نسخة إشارة إلى أحدهما بل روى الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن محمد بن عبد الرحمن ابن سعد أنه عبادة لا عمير ولا عمر فتدبر (وبرّك) أي دعا له بالبركة (فمات وهو ابن ثمانين فما شاب) أي رأسه خصوصا أو شعره عموما والله تعالى أعلم (وروي مثل هذه القصص) أي الروايات المتضمنة للحكايات الدالة على عموم البركات من سيد السادات وسند أرباب السعادان (عن غير واحد) أي عن كثيرين من الصحابة (منهم السّائب بن يزيد) وقد سبق ذكره. (ومدلوك) وهو ابن سفيان الفزاري مولاهم اسلم مع مواليه علق البخاري حديثه وقيل هو مولى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وذكره ابن حبان في ثقاته فقال مدلوك أبو سفيان كان يسكن الشام أتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأسلم فدعا له النبي صلى الله تعالى