بربوبيته (ثمّ قال) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (يمجّد الجبّار نفسه) بتشديد الجيم أي يذكر ذاته بوصف المجد والشرف والعظمة وروي يحمد (يقول) كذا في نسخة وهو جملة حالية (أنا الجبّار أنا الجبّار) بالرفع بإثبات التكرار وهو الذي يجبر العباد على وفق ما أراد ويقهرهم بالفناء عن البلاء (أنا الكبير) أي العظيم الذات الكريم الصفات قال الحجازي أنا الجبار مرتين وأنا الكبير ويروى مرتين (المتعال) أي المتعالي وهو الرفيع الشأن المنزه عن التعلق بالزمان والمكان ونحوهما من سمات الحدثان وصفات النقصان (فرجف المنبر) أي اضطرب اضطرابا شديدا وذلك لعظمة الله وهيبته (حتّى قلنا ليخرّنّ) بفتح اللام والياء وكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء والنون أي ليسقطن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (عنه) أي عن المنبر. (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) كما رواه البزار والبيهقي (قال كان حول البيت) أي على جدرانه ذكره الدلجي (ستّون وثلاثمائة صنم مثبتة الأرجل) بفتح الموحدة المخففة أو المشددة أي مسمرة (بالرّصاص) بفتح الراء على ما في القاموس قيل ويكسر (في الحجارة) أي من أحجار البيت ولا يبعد أن تكون الأصنام موضوعة على حجارات كائنة حول البيت منصوبة بتسميرها فيها الرصاص وكذا كانت الأصنام داخل البيت وفوقه أيضا قال الدلجي وروى أبو يعلى نحوه أي عنه وأنه قال (فلمّا دخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم المسجد) أي المسجد الحرام وهو يطلق على الكعبة وما حولها من البقعة (عام الفتح) أي سنة فتح مكة (جعل) أي شرع (يشير بقضيب) أي بسيف لطيف أو عود ظريف (في يده) حال من قضيب (إليها) معلق بيشير قال الحلبي وفي رواية صحيحة بقضيب يشبه القوس والقوس قضيب انتهى والتشبيه يحتمل أن يكون من حيثية طوله وعرضه أو من جهة انحراف في وسطه (ولا يمسّها) أي بيده تجنبا عنها لا لبعدها كما ذكره الدلجي، (ويقول) أي ما أمره الله أن يقول (جاءَ الْحَقُّ) أي ظهر الحق وأهله (وَزَهَقَ الْباطِلُ [الإسراء: 81] أي اضمحل وذهب أصله (الآية) أي أن الباطل كان زهوقا أي غير ثابت في نظر أهل الحق دائما (فما أشار) أي به كما في نسخة أي بقضيبه (إِلَى وَجْهِ صَنَمٍ إِلَّا وَقَعَ لِقَفَاهُ وَلَا) أي ولا أشار به (لقفاه إلّا وقع لوجهه) أي سقط عليه هيبة مما أشار به إليه (حتّى ما بقي منها صنم) الآخر ساقطا إما إلى وجهه وإما إلى قفاه؛ (ومثله في حديث ابن مسعود) أي على ما رواه الشيخان عنه (وقال) أي ابن مسعود (فجعل يطعنها) بفتح العين ويضم وهو أولى من عبارة الحلبي بضم العين ويفتح لما في كلام استاذه صاحب القاموس طعنه بالرمح كمنعه ونصره ضربه مع ما في الفتح من الخفة المعادلة لثقل العين كما حرر في يسع ويضع ويدع ويقع ثم المراد بالطعن هنا مجرد الإشارة لما سبق صريحا في العبارة والمعنى يشير إليه في صورة الطاعن لديه (ويقول) أي كما أمر به في آية أخرى (جاء الحقّ وما يبدىء الباطل وما يعيد) أي ظهر الحق ولم يبق للباطل ابتداء ولا إعادة أو ما يبدىء الضم خلقا ولا يعيده أو لا يبدئ ضرا لأهله في الدنيا ولا يعيده في العقبى؛ (ومن ذلك) أي من قبيل