الموحدة ثم ياء مشددة (حتّى تصدّع) بتشديد الدال أي تشقق (وانشقّ) عطف تفسير قاله الدلجي وغيره والأظهر أن المعنى واستمر على انشقاقه (حتّى جاء) أي أتاه (النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم فوضع يده عليه) أي تسلية لما لديه (فسكت) أي حيث سكن إليه وسيأتي في رواية أنه عانقه بيديه؛ (زاد غيره) أي غير المطلب ومن معه وقال الدلجي في رواية الشافعي عن أبي بن كعب (فقال النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا بَكَى لِمَا فَقَدَ) صلى الله تعالى عليه وسلم بالوجهين أي بعد (من الذّكر) أي الموعظة البليغة في الخطبة ومنه قوله تعالى فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ (وزاد غيره) أي غير ذلك الغير وفي رواية أبي يعلى عن أنس، (والّذي نفسي بيده) أي بتصرف قدرته وقبضة إرادته (لو لم ألتزمه) أي اعتنقه (لم يزل هكذا) أي باكيا (إلى يوم القيامة تحزّنا) بضم الزاي إظهارا للحزن الزائد على الصبر (على رسول الله) أي على فراقه (صلى الله تعالى عليه وسلم) وما أحسن من قال من بعض أرباب الحال:
الصبر يحمد في المواطن كلها ... إلا عليك فإنه مذموم
(فأمر به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فدفن تحت المنبر) أي حتى يقرب إلى الذكر وما يتبعه من أثر الخير (كذا في حديث المطّلب) أي السهمي (وسهل بن سعد) أي الساعدي (وإسحاق) أي ابن عبد الله بن أبي طلحة وهو تابعي روى عن أبيه وعدة وعنه مالك وابن عيينة وجماعة وهو حجة ثقة أخرج له الأئمة الستة (عن أنس) وهو عمه من أمه (وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ سَهْلٍ فَدُفِنَتْ تَحْتَ منبره أو جعلت في السّقف) أي في سقف المسجد شك من الراوي ولعل وجه التأنيث كونه جذع النخلة فاكتسب التأنيث من الإضافة وفي أصل التلمساني فدفن قال وفي طريق فدفنت فأراد الخشبة وقال البرقي إنما دفنه وهو جماد لأنه صار في حكم المؤمن لحبه وحنينه قلت ولعل دفنه تحت منبره ليكون على قربه ولا يحرم من سماع ذكره وأما المنبر فقد احترق أول ليلة من رمضان سنة أربع وخمسين وستمائة وكان ذلك على الناس من أعظم مصيبة. (وفي حديث أبيّ) أي ابن كعب (فكان) أي أولا (إذا صلّى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم صلّى إليه) وهو لا ينافي أنه عند خطبته كان يعتمد عليه فلما (هدم المسجد) أي عند إرادة تجديده وتوسيعه في تحديده وهو في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه ليزيد فيه من جهة القبلة توسعة للأمة أو في أيام إباحة يزيد المدينة في أحد الأيام الثلاثة (أَخَذَهُ أُبَيٌّ فَكَانَ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ أَكَلَتْهُ الأرض) كذا في النسخة المصححة والمراد بها الدابة التي يقال لها الأرضة سميت بفعلها وأضيفت إليه في آية سبأ بقوله تعالى دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ قال المزي المشهور عند أهل الحديث الأرضة (وعاد رفاتا) بضم الراء ففاء فتاء فوقية أي وصار دقاقا وفتاتا قال الحلبي قوله إلى أن أكلته الأرض كذا في النسخة التي وقفت عليها بالشفاء والحديث المذكور أعني حديث أبي وهو مطول في مسند أحمد وفيه الأرضة وهي دابة تأكل الخشب وهو باختصار في سنن ابن ماجة في الصلاة انتهى