يقضي حاجته) كناية عن فعل الغائط أو البول (فلم ير شيئا يستتر به) أي من عيون الينس والجن فتحير في أمره (فإذا بشجرتين) أي ثابتتين أو نابتتين (بشاطىء الوادي) أي في جانبه (فانطلق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي ذهب (إلى إحدهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال) أي لها كما في نسخة (انقادي عليّ) أي استسلمي لي واطيعيني (بإذن الله) أي بأمره وتيسيره (فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ) أي يلاينه وينقاد له وهو بالخاء والشينين المعجمات الذي جعل في أنفه خشاش وهو بالكسر عود يربط عليه حبل ويجعل في أنفه ويشد به الزمام لينقاد بسهولة ثم إن كان من شعر فهو خزامة أو من صفر أو حديد فهو برة بضم موحدة فتخفيف راء (وذكر) أي جابر (أنّه) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (فعل بالأخرى) أي من الشجرتين (كذلك) أي مثل ما فعل بالأولى (حتّى إذا كان بالمنصف) بفتح الميم وإسكان النون وفتح الصاد وتكسر أي وسط الطريق (بينهما) أي بين موضعيهما وهو بيان أو تأكيد (قال) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم للشجرتين (التئما) أي اجتمعا وانضما (عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالْتَأَمَتَا. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى) أي لمسلم وغيره (فقال يا جابر قل لهذه الشّجرة) أي التي بشاطىء الوادي (يقول لك رسول الله الحقي) بفتح الحاء أي اجتمعي واتصلي (بصاحبتك) أي بنظيرتك وهي الشجرة التي في مقابلتك (حتّى أجلس خلفكما) أي فأقضى حاجتي مستترا بكما وفي أصل الدلجي حتى يجلس بناء على المعنى (ففعلت فرجعت) أي الشجرة عن حالتها التي كانت عليها وفي نسخة فزحفت بالزاء والحاء المهملة والفاء أي انتقلت من محلها (حتّى لحقت بصاحبتها فجلس خلفهما) الظاهر أن القضية متكررة وأن الشجرة الواحدة ما كانت تصلح أن تكون سترة (فخرجت أحضر) بضم الهمزة وسكون الحاء المهملة وكسر المعجمة أي أعدو وأجري وإنما فعل ذلك رضي الله تعالى عنه لئلا يحس به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قريب منه فيأذي بقربه (وجلست أحدّث نفسي) أي بهذا الأمر الغريب والحال العجيب (فالتفتّ) أي فنظرت إلى أحد طرفي (فإذا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي فاجأته بغتة فأبصرته. (مقبلا والشّجرتان قد افترقتا) أي من محل اجتماعهما وانتقلتا إلى موضعهما (فقامت كلّ واحدة منهما على ساق) أي في منبتها (فوقف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقفة) أي خفيفة (فقال برأسه) أي فأومأ له أو فأومأ به إلى الشجرتين (هكذا يمينا وشمالا) تفصيل لما قبله إجمالا ولعله كان وداعا للشجرتين أو لمن هناك من الملائكة وأما قول الدلجي وقد تبعه التلمساني إذنا منه لهما بالرجوع إلى مكانهما فيأباه الفاء كما لا يخفى على أهل الوفاء.
(وروى أسامة بن زيد نحوه) أي كما رواه البيهقي وأبو يعلى بسند حسن عنه (قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم في بعض مغازيه) أي غزواته (هل تعني) بالفوقية أي تقصد وتعين (مكانا لحاجة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي لقضاء حاجته فيه وتصحف الدلجي وضبط لفظ تعني بالتحتية وتكلف بقوله هل استفهام اكتفى به عن المستفهم