وراءه من كمال الظهور فالضمير في اراه عائد إلى الله تعالى كما صرح الإمام أبو عبد الله المازري أي كمال النور منعني عن الرؤية وتمام الظهور كما جرت العادة بإغشاء الأنوار الأبصار فيمنعها من الإبصار قال الحلبي هكذا رواه جميع الرواة في جميع الأصول أي جميع أصول مسلم والروايات ومعنا حجابه النور فكيف أَرَاهُ. (وَحَكَى بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ رُوِيَ نُورَانِيٌّ) أي بفتح النون والراء بعده ألف فنون مكسورة وتحتية مشددة منونة و (أراه) بضم همزة على ما ذكره الحجازي قال المزي وهذا تصحيف والصواب الأول ويدل عليه قوله رأيت نورا وقوله حجابه النور انتهى وقال الشمني يحتمل أن يكون معناه راجعا إلى ما سبق ولا يخفى بعده وغرابته إذ الأول دال على نفي رؤيته واستبعاده والثاني على اثباته واستعداده، (وفي حديثه الآخر) أي وفي حديث آخر لأبي ذر (سألته) أي النبي صلى الله عليه وسلّم أرأيت ربك (فقال رأيت نورا) كيف أراه وفي شرح الدلجي قال المصنف وهذه الرواية لم تقع لنا ولا رأيتها في أصل من الأصول أي أصول مسلم ومحال أن يكون ذاته تعالى نورا إذ النور جسم يتعالى الله عنه ومن ثمة كان تسميته سبحانه وتعالى في الكتاب والسنة نورا بمعنى ذي النور أي منوره أو منه النور كما قيل نور السماء بالشمس والقمر والنجم ونور الارض بالأنبياء والعلم وروي بالنبات والاشجار أو المراد بالنور خالقه هذا وفي تخريج أحاديث الإحياء للعراقي في كتاب المحبة قال ابن خزيمة في القلب من صحة إسناده شيء أي من حيث إن في رواية أحمد عن أبي ذر رأيته نورا أني اراه ورجالها رجال الصحيح. (وليس يمكن الاحتجاج بواحد منها) أي من حديثي أبي ذر (على صحّة الرّؤية) أي وقوعها ونفيها لتعارض معنييهما وتناقض إسناديهما (فإن كان الصّحيح) أي متنا أو إسنادا (رَأَيْتُ نُورًا فَهُوَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَمْ ير الله تعالى. وَإِنَّمَا رَأَى نُورًا مَنَعَهُ وَحَجَبَهُ عَنْ رُؤْيَةِ الله تعالى وإلى هذا) أي إلى معنى قوله رأيت نورا (يرجع قوله نور أنّى أَرَاهُ أَيْ كَيْفَ أَرَاهُ مَعَ حِجَابِ النُّورِ المغشّى) بصيغة الفاعل مخففا أو مشددا أي المغطى (للبصر وهذا) أي حديث نوراني أراه (مثل باقي الحديث الآخر) أي من حيث المعنى (حجابه النّور) كما رواه الطيالسي عن أبي موسى الأشعري وأصله في مسلم وأوله أن الله لا ينام ولا ينبغي أن ينام (وفي الحديث الآخر) أي الذي رواه ابن جرير عن محمد بن كعب عن بعض الصحابة (وفي الحديث الآخر) أي الذي رواه ابن جرير عن محمد بن كعب عن بعض الصحابة (لم أره بعيني ولكن رأيته بقلبي) زيد فيه ههنا (مرّتين وتلا) أي قرأ الراوي شاهدا لصحة رؤيته ربه بقلبه (ثُمَّ دَنا) أي قرب نبينا (فَتَدَلَّى [النجم: 8] ) أي زاد في التقرب إليه سبحانه وتعالى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (والله تعالى قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ الْإِدْرَاكِ الَّذِي فِي الْبَصَرِ في القلب) أي على أن يجعله في القلب (أو كيف شاء) أي بأن يخلق إدراك في السمع أو غيره وأن يخلق إدراك الرؤية السمع في البصر ونحوه (لا إله غيره) أي حتى يمانعه ويدافعه عن مراده في عباده (فإن ورد حديث نصّ بيّن) بتشديد الياء المكسورة أي ظاهر لا يحتمل تأويلا (في الباب) أي في باب الرؤية