استعمالهما لزيادة المبالغة بنية ملاقاة الملائكة ولأنهما يورثان النشاط والقوة (ويحضّ عليهما) أي يحث ويحرض على استعمالهما (ويقول حبّب إليّ من دنياكم النّساء) وفي رواية تأخيره (والطّيب) كما رواه النسائي والحاكم في المستدرك من حديث أنس بإسناد جيد وضعفه العقيلي وليس فيه لفظ ثلاث وإنما وقع في بعض الكتب كالإحياء وغيره فما وقع في بعض النسخ من لفظ ثلاث بعد دنياكم خطأ فاحش ومما يدل على بطلانه تغيير سياق الحديث وتعبيره بقوله، (وجعلت قرّة عيني في الصّلاة) إيماء إلى أن قرة العين ليست من الدنيا لا سيما من الدنيا المضافة إلى غيره صلى الله تعالى عليه وسلم ودفعا لما تكلف بعضهم من أن الصلاة حيث كانت واقعة في الدنيا صحت إضافته إليها في الجملة على اختلاف في أن المراد بالصلاة هل هي العبادة المعروفة أو الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام والله تعالى أعلم بحقيقة المرام ثم تحقيق الكلام ما ذكره حجة الإسلام في الإحياء حيث قال الدنيا والآخرة عبارة عن حالين من أحوال القلب فالقريب الداني منهما يسمى دنيا وهي كل ما قبل الموت والمتراخي المتأخر يسمى آخرة وهي ما بعد الموت ثم الدنيا تنقسم إلى مذمومة وغير مذمومة فغير المذمومة ما يصحب الإنسان في الآخرة ويبقى معه بعد الموت كالعلم والعمل فالعالم قد يأنس بالعلم حتى يصير الذ الأشياء عنده فيهجر النوم والمطعم والمشرب في لذته لأنه اشهى عنده من جميعها فقد صار حظا عاجلا له في الدنيا ولكن لا يعد ذلك من الدنيا المذمومة كذلك العابد قد يأنس بعبادته ويستلذ بها بحيث لو منعت عنه لعظم ذلك عليه حتى قال بعضهم ما أخاف الموت إلا من حيث يحول بيني وبين قيام الليل فقد صارت الصلاة من حظوظه العاجلة وكل حظ عاجل قاسم الدنيا ينطلق عليه من حيث الاشتقاق من الدنو وعلى هذا ينزل جعله عليه الصلاة والسلام الصلاة من حكم ملاذ الدنيا أو لأن كل ما يدخل في الحس والمشاهدة فهو في عالم الشهادة وهو من الدنيا والتلذذ بتحريك الجوارح بالركوع والسجود إنما يكون في الدنيا فلذلك أضافها عليه الصلاة والسلام إلى الدنيا إلا أنها ليست من الدنيا المذمومة في شيء فإن الدنيا المذمومة هي حظ عاجل لا ثمرة له في الآخرة كالتنعم بلذائذ الأطعمة والمباهاة بالقناطير المقنظرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والقصور والدور ونحوها يريد على قدر الضرورة والحاجة (ومن مروءته صلى الله تعالى عليه وسلم) أي أخلاقه المرضية وشمائله البهية (نهيه) كما رواه أحمد (عن النّفخ في الطّعام والشّراب) أي جميعا ولأبي داود وابن ماجه والترمذي وصححه نهيه عن النفخ في الإناء وللترمذي في الشراب لأنه في الطعام يؤذن بالعجلة وشره النهمة وقلة التؤدة وفي الإناء يورث رائحة كريهة ولأنه قد ينفصل بالنفخ فيهما من الفم ما يكون موجبا لنفرة الطبيعة وقيل نفس الآدمي سم (والأمر) كان الأولى ان يقال وأمره ليحسن عطفه على نهيه أي ومن مروءته أيضا الأمر (بالأكل ممّا يليه) أي الآكل بصيغة الفاعل لحديث الشيخين قل بسم الله وكل بيمينك مما يليك على الخلاف في أن الأمر