(فأشار) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (إليهم أن كفّوا) أي كفوا أو بأن كفوا بضم فتشديد أي امتنعوا عنه وكفوا أنفسكم منه شفقة عليه وإحسانا إليه (ثمّ قام) أي النبي عليه الصلاة والسلام (ودخل منزله) أي للاهتمام (وأرسل) وفي نسخة فأرسل (إليه وزاده شيئا) أي على ما قدمه عليه (ثمّ قال أحسنت إليك) كما سبق (قال نعم فجزاك الله به) أي بسبب ما أحسنت به إلى (من أهل وعشيرة خيرا) بالنصب على أنه مفعول ثان لجزى ومن تبعيضية والجملة اعتراض بين الفعل ومفعوله نصب على الاختصاص أو على الحال أي اخصك من بينهما أو حال كونك منهما، (فقال له النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم إنّك قلت ما قلت) أي شيئا عظيما مستهجنا قبيحا (وفي نفس أصحابي) أي وفي نفوسهم وفي أصل التلمساني وفي نفس أصحابي بصيغة المفرد (من ذلك) أي قولك (شيء) أي أمر عظيم وخطب جسيم (فإن أحببت) أي أردت إزالة ذلك (فقل بين أيديهم) أي عندهم (ما) وفي نسخة مثل ما (قلت بين يديّ) أي من المديح ليكون كفارة لذلك القبيح (حتّى يذهب) أي بقولك لهم ذلك (ما في صدورهم عليك) أي من الغضب لما صدر عنك فإن المعالجة بالاضداد، (قال نعم) أي أقول لهم ذلك. (فلمّا كان الغد) أصله غدو فحذفوا الواو بلا عوض (أو العشيّ) بفتح فكسر فتشديد وأو لشك الراوي (جاء) أي الأعرابي (فقال صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا الْأَعْرَابِيَّ قَالَ مَا قال) أي ما سمعتموه في أول الحال (فزدناه) أي بعض المال (فزعم أنّه رضي) أي به عنا (أكذلك) استفهام تقرير أي أحق ما نقلته عنك (قَالَ نَعَمْ فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ أَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ خيرا) فكان المراد بالأهل هو الأخص أو الأعم والله أعلم. (فقال) أي النبي كما في نسخة صحيحة (صلى الله تعالى عليه وسلم: مثلي ومثل هذا) المثل بفتحتين في الأصل هو النظير ثم استعمل في القول السائر الممثل مضربه بمورده أي موضع ضربه بموضع وروده فالمورد هو الحالة الأصلية التي ورد فيها كحالة المنافقين والمضرب هو الحالة المشبهة كحالة المستوقد نارا ولا يضرب إلا بما فيه غرابة زيادة في التوضيح والتقرير فإنه أوقع للنفس وأقمع للخصم ويريك المخيل محققا والمعقول محسوسا ثم استعير لما له شأن عجيب وفيه أمر غريب من صفة أو حال أو قصة نحو مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ولله المثل الأعلى ومثل الجنة التي وعد المتقون وأمثالها والمعنى هنا شبهي وشبه العجيب الشأن والغريب البيان (مثل رجل له ناقة شردت عليه) أي نفرت وذهبت في الأرض عنه أو غلبت عليه (فأتبعها النّاس) من الاتباع أو الاتباع أي فتبعوها ليلحقوها (فلم يريدوها إلّا نفورا) أي تنفرا منهم وتبعدا عنهم (فناداهم صاحبها خلّوا بيني وبين ناقتي) أي اتركوني معها (فإنّي أرفق بها) أي أشفق عليها (منكم وأعلم) أي بحالها وطبعها وطريق أخذها (فَتَوَجَّهَ لَهَا بَيْنَ يَدَيْهَا فَأَخَذَ لَهَا مَنْ قمام الأرض) بضم القاف وتخفيف الميم جمع قمامة وهي في الأصل الكناسة أريد بها ههنا ما تلقمه من الأرض فتأكله شبه بالكناسة لخسته فاستعير له اسمها لمشاركة صفته (فردّها) أي طمعها إليه (حتّى جاءت واستناخت) أي طلبت البروك